/ صفحة 97 /
أو شعب أقدم من إسرائيل، عاش عيشة التوحيد واطمأن إليها وآمن بها. ولكن هذا الاحتماللا يتفق وما جاءت به الأديان، ولا يتمشى والافكار السامية. على أن موضوع الاسبقية الدينية في عقيدة التوحيد، لم يدرس دراسة موضوعية بعد، ولم يشغل العلماء أنفسهم بالموضوع لذاته بسبب ما يحيط ذلك الموضوع من ادعاء وغرور جنسي.
ومع ذلك فليس من السهل أن نتاجهل ما عثر عليه الباحثون عن الفرس القدماء من أن عقائدهم الدينية لم تخرج عن الايمان باله واحد، مع وجود قوة أُخرى مناهضة لفكرة الخير، وهي ما يشابه فكرة الشيطان عند اليهود، ويحيط بالاله الواحد عدة من الآلهة الثانوية لها طبيعة الملائكة، ولها من القداسة ما للملائكة الاربعة العظام الوارد ذكرهم في كتاب أخنوخ، وهم: جبريل، وعزرائيل، وميكائيل، ورفائيل. وهذه الآلهة الثانوية في الديانة الفارسية تشبه القديسين الذين عرفتهم المسيحية أول عهدها. وحين أخذت جماعات من الايرانيين تهاجر إلى أواسط آسيا والهند حوالي القرن العاشر قبل الميلاد، كانت الهند حينذاك تؤمن بالديانة الويدية، وهي ديانة لا تعترف بالوثنية اطلاقا.
ويتضح مما سبق وجه الشبه بين عقائد الايرانيين القدماء واليهود في فكرة التوحيد. وإذا كان "العهد القديم" وعد بجزاءات مادية للثواب والعقاب، فان معتقدات الفرس ـ قبل الإسلام ـ عن الحساب في الآخرة، تتلخص في أن عمل الفرد ليس شيئا بجانب النية الطيبة أو الشريرة التي يستوجب صاحبها من أجلها الثواب أو العذاب، وتلك هي فكرة الجنة والنار المعروفة.
ومن المدهش أن نجد في بعض آيات العهد القديم ما يدل على انتشار الوثنية بين اليهود، كما نجد يشوع وهوشع يذيعان على الناس أوائل القرن السابع قبل الميلاد: أن الايمان بالله يتعارض وعبادة الاصنام، وأن الصور المنحوتة محرمة بنص ما جاء في التوراة من سفر الخروج.
وخالف الفرس الأشوريين والمصريين وغيرهم من حيث تحررهم من الفزع