/ صفحة 76 /
تناقضها مع كلياته المحددة التي لا تخضع لاجتهاد البشر، وهذا غاية السمو في التشريع ومن هنا تجد الخلاف على جزئيات وأعراض، لا على كليات وجواهر، وهو خلاف لتوخي الصالح العام للمسلمين.
قال صاحبي: عجيب أنني كلما وجهت هذه الأسئلة لمسلم حدثني بمثل ما حدثتني به، ومعنى هذا أن الإسلام كما قلت واضح مفهوم لجميع المسلمين، وأن حلاله بين وحرامه بين كما يقول الرسول عليه الصلاة والسلام، فإذا كان ذلك كذلك، فلماذا يتكلم المسلمون كثيراً ولا يلتزمون الإسلام ومبادئه الواضحة التي لا غموض فيها ولا تعقيد.
فقلت: هذا يا صاحبي سر البلاء، فأنت تجد كل مسلم يتحدث اليوم عن فساد المجتمع الإسلامي، وينشد إصلاحه، وقد يرسم منهجا للإصلاح يدعو المسلمين إليه، ثم هو في نفس الوقت، لا يتحدث عن فساد نفسه، ولا ينشد إصلاح نفسه ويغيب عن قول ربه: "أتأمرون الناس بالبر وتنسون أنفسكم وأنتم تتلوون الكتاب، أفلا تعقلون" . "يا أيها الذين آ منوا لم تقولون ما لا تفعلون، كبر مقتا عند الله أن تقولوا ما لا تفعلون".
ولو أنصف كل مسلم لعلم أن التواصي بالحق، يقتضى أن يلتزم الداعي هذا الحق حتى يستطيع دعوة الناس إليه، فكيف يستجيب الناس لمن يدعوهم إلى تحريم القتل مثلا، ويداه ملوثتنا بدماء الأبرياء من المسلمين؟ وكيف تدعو الناس إلى الخير والرحمة والمودة، وأنت شرير قاس تقطع الأرحام؟!
ان حاجة الناس يا صاحبي إلى قيادة رشيدة، وقدوة حسنة، في هذه الأيام حاجة ملحة، نريد قيادة إسلامية رشيدة توجه الشعوب إلى الخير العام للجميع، وتحمل الإفراد على التزام الجادة، بسلوكها، ومبلغ التزامها لمبادئ الإسلام، نريد قدوة عملية للشعوب إلى الخير والتمسك بتعاليم الدين في شتى نواحي الحياة.
نريد حكاما يحملون رعاياهم بسلوكهم وتصرفاتهم حملا على الاقتداء بهم في إحقاق الحق، وإقامة العدل، والسير على صراط الله المستقيم، ويأخذون أنفسهم