/ صفحة 58/
والخواص، وهم الصوفية الذين ييباح لهم التأويل ويحق لهم الوصول على أنه إن كان يمكن أن يقال لما تقدم: أن حجة الإسلام ليس فيلسوفا بالمعنى الحق للكمة، فإنه لم يكن متصوفا با معنى الذي تراه طائفة من الصوفية، أي ترك العلم والاكتفاء بالعمل وانتظار الفيض بالعلم اللدنى من الله تعالى. بل كان متصوفا حقا، يرى أن الوصول للحقيقة أو الحقائق العليا - وذلك هو السعادة - لا يكون إلا بالعلم أولا والعمل ثانيا ثم فيض الله أخيراً بما يعجز العقل البشرى عن الوصول إليه. ليت شعري; هل يسمع هذا أو يحسه من هم بين جاهل أو متنطع أو عالة على مريديه الجهلاء من متصوفة وأرباب طرق، هل يسمع أولئك الذين عميت منهم البصائر فساروا في طريق الضلال وهم يوهمون الناس أنهم يحسنون صنعا أم هل آن أن يتنبه الناس من غفلاتهم، فلا يجعلوا بعض هؤلاء أهلا للتشريف والتكريم، وهم ليسوا من ذلك في شيء ليت هؤلاء الذين يدعون أنهم متصوفة يكون طريق الله، يتخذون الغزالي وأمثاله لهم أئمة، فيقبلون على العلم والعلم معاً، ثم ينتظرون الفيض من الله متى استعدت قلوبهم لاستقباله، وحينئذ يكونون رسل خير لمن يحيط بهم، كما كان حجة الإسلام كذلك للأمة جميعاً.