/ صفحة 398/
وإذ كان ارتباط الدين بالدولة في الإسلام، لا يعني ـ كما قررنا ـ سوى ربط السياسة بمكارم الأخلاق، عرفت إلى أي مدى ظلم، يريد أن يقذف بالمجتمع الإسلامي أولئك الذين ينادون بفصل الدين عن الدولة! وقد علمت أنه لا يمكن أن يتم هذا الفصل دون أن ينقلب مجتمعنا إلى مجتمع من الذئاب المفترسة، لا تعرف له شرعة إلا شرعة المادة والا خداع الناس عن حرياتهم وأعراضهم وأموالهم:
ومن نافلة القول أن نقرر أنه قد أصيبت المجتمعات الإسلامية بجراح بالغة في عرفها وتقاليدها الكريمة، نتيجة للتيارات الخبيثة التي رافقت غزو الدول المستعمرة لبلاد العرب، حيث انتقلت إلى هذه المجتمعات عادة استبعاد العنصر الأخلاقي عن شئون الحياة والقائه في قعر مظلمة، وهو الأمر الذي لا رال يسود الحضارة الغربية إلى اليوم.
إن مشاكل الحضارة الغربية في راينا تعود بالدرجة الأولى إلى استبعاد العنصر الأخلاقي عن شئون الحياة، فلا نحب أن نزيد مشاكلنا، مشاكل جديده، أو نضيف إليها بالأصح مشكلة المشاكل.
المبحث الرابع:
إلى أي مدى يربط الإسلام بين الدين والدولة؟
ــــــ
بعد أن قررت في المبحث السابق، أن حقيقة ما يقصد بالدين، هو العنصر الأخلاقي، وأن توفيره في كل مرفق من مرافق الحياة، وفي كل ما يتعامل به الناس، أفراداً وجماعات ودولا، واجب محتوم يفرضه الإسلام، أرى لزاما عليّ أن أقرر تبعاً لذلك وتوضيحاً لما سلف: أن الجانب الأخلاقي في الإسلام يقوم على أساس يقظة الضمير الإنساني تحت مراقبة الله وحده. وما العبادات في الإسلام على اختلاف أنواعها وكيفياتها إلا وسائل ـ لا غايات ـ قصد بها وعن طريقها جعل ضمير الإنسان في يقظة مستمرة.