/ صفحة 372/
ومن هنا يقول في وصف مظلته:
وعلي أمير المؤمنين غمامة ****** نشأت تظلل تاجه تظليلا
نهضت بثقْل الدر ضوعف نسجُها ****** فجرت عليه عسجدا محلولا
أمُديرَها من حيث دار لشذّ ما ****** زاحمت حول ركابه جبريلا
ذَعَزتْ مواكبه الجبلَ فأعلت ****** هضباتُها التكبيرَ والتهليلا
يقول: يا مدير المظلة من حيث دار الخليفة، لشَدّ ما ضايقت جبريل الذي يمشي حول ركابه مع سائر الملائكة (1).
وكقول المتنبي في بعض ممدوحيه:
يأيها المَلكُ المصفّي جوهرا ****** مِنْ ذات ذي الملكوت أسمى مَن سما
نور تظاهر فيك لا هُوْ تِيُّهُ ****** فتكاد تعلم علم ما لن يعلما
ويهمّ فيك إذا نطقت فصاحة ****** من كل عضو منك ان يتكلما
أنا مبصر وأظن أني نائم ****** مَنْ كان يحلم بالإله فأحلما؟
كبر العِيانُ عليَّ حتى أنه ****** صار اليقين من العيان توهما
يقول: إن ممدوحه مَلكٌ، قد صُفِّى جوهره من ذات ذي الملكوت، أي أن روحه قبس من ذات الله؛ وأن هذا القبس نور لا هوتي قد استقر فيه فكاد يظهره على العيب. والمتنبي يكبر ما يرى، فهو يقظان يرى الله، وهو يظن أنه نائم، ثم ينكر أن يكون نائماً لأن الله لا يرى في الأحكام، وهو يكبر هذا العيان، ويرى أنه أعظم وأجل من أن يثبت له أمثاله، فيرتاب فيما يرى، ويكاد يتهم نفسه بالخيال والوهم.
وهذا صريح في الحلول الذي هو مذهب القرامطة الذين كان يحطب في حبلهم وينشد الجد على حسابهم في صدر شبابه (2)، وهو قريب من فلسفة ابن هانئ.
وكالزوميات، لأبي العلاء المعري، فقد نظمها على أصول من الفلسفة، وضمنها
_________________________
(1)روح المعاني ص175
(2) مع المتنبي للدكتورطه حسين ص68