/ صفحة 31 /
وبهذه المناسبة ننقل ما قاله صاحب الجواهر في باب الشهادات، وقد خالف الفقهاء في رأى رآه قال متهكماً على المقلدين الجامدين: وظني أن من يقف على كلامي هذا يستبشعه ويستنكره لخلو كلام الأصحاب (3) عن تحريره، لأنهم لا يطيلون إلا بذكر المناسبات التي لا تصلح دليلا شرعياً، والتي هي أشبه شيء بالعلل النحوية تسطر لتشويش الأذهان، ومنع العقول عن بلوغ الحقائق، وخاصة من اعتاد التقليد، و.ثبت العصمة لغير المعصوم. لقد تنبه هذا الحبر الجليل إلى هذه الحقيقة منذ أكثر من مائة عام، وأعلنها حين لم تكن الحياة والأفكار في عهده كما هي عليه اليوم، أما نحن فما زلنا نعتمد الكثير من تلك الأدلة التي نعتها صاحب الجواهر بالتشويش وتحجير العقول، ونخرّج عليها أحكاماً لحياتنا التي لا تمت بصلة قريبة أو بعيدة إلى حياة أولئك الفقهاء لقد كان صاحب الجواهر أبعد نظراً، وأصح تفكيرا، وأكثر تفهماً للشريعة ومقاصدها من رجال الدين في هذا العصر حتى كأنه خلق قبل زمانه بمائة عام، وخلقنا نحن بعقول من سبقونا بألف عام، يجب أن نكيف اجتهاداتنا حسب حاجاتنا وظروفنا على أساس مبادىء الإسلام العامة، ومقاصد الشريعة السمحة المرنة غير مكترثين بقول من تقدم أو تأخر، ما دمنا على بينة من الشرع والعقل.