/ صفحة 307 /
مباديء التربية التي تقوم بها الرباطات، أو هذه المدرسة العسكرية لإعداد الجندي الإسلامي الممتاز.
لم تقع العناية كما يلزم ببحث هذا النوع من النظام العسكري في الإسلام، والمرابطة في سبيل الله لا تعدو عند الفقهاء قضاء نذر من النذور، ولذلك كان حظها هو الكلام القليل عنها في أبواب النذور من كتب الفقه، بينما هذا الموضوع هو ألصق وأقرب لبحوث الجهاد والنظم العسكرية، والمصادر التي تحدثنا عن الرباطات والمرابطين هي كتب تاريخ الغزوات والحروب الإسلامية، وأكثر منها سير وتراجم المرابطين أنفسهم وشيوخ الرباطات الذين أنشأوها وقاموا عليها طول حياتهم يجاهدون ويعملون ويقومون بصوالح الأعمال، ويحببون إلى الناس التسابق فيها، هؤلاء الذين رفعتهم مرابطتهم هذه إلى درجة الصلاح والتقديس عند المسلمين، يوم كان المسلمون يقدرون هذه القيم التي تمثل جهاد النفس وإعدادها بعد الانتصار عليها لجهاد العدو، ونجد أيضاً بعض المعلومات في تاريخ أمكنة الرباطات نفسها.
ومن كلمة المرابط أخذ الفرنسيون كلمة: (مارابو) التي يطلقونها اليوم على شيوخ الزوايا وساكني الأجداث ـ وهذا التحول في اطلاق اسم المرابط ونقله من ذلك الجندي الفدائي المغامر الذي أفنى نفسه لعقيدة، إلى هذا القاعد المترهب، إنما منشأه ما يحدثه البشر دائماً من تغيير في المعتقدات والمقدسات يلائم شهوة الأنسان وغرضه، وإن كان يبعده عما جاء به الرسل من عند ربه لهدايته وسعادته.
وإن من يعمد إلى تغيير الشرائع بالتحريف والتأويل والتخريف، لا يتعفف عن تحويل الأسماء من مسمياتها إلى غيرها مما يرشده إليه هواه.
ولعل أول نتيجة لهذا التغيير دفع الناس عن التفكير في حياة فدائي مرابط، إلى حياة رجل يقولون عنه. إنه كانت تظهر على يديه كرامات: كشفاء الأمراض، وجلب الأرزاق، ودفع خطر الأعداء بطريق الكرامة، وأنه يصح أن يطلب منه