/ صفحة 305 /
الترف، ويسكت العامة عن هؤلاء المترفين، فيعمهم الله بعذابه (وإذا أردنا أن نهلك قرية أمرنا مترفيها ففسقوا فيها، فحق عليها القول، فدمرناها تدميرا).
وجدير بالذكر أن القرآن لم يغفل القول عن مصير هؤلاء الأغنياء المتجبرين، ليكون في ذلك عبرة بالغة، وليرتدع كل من تحدثه نفسه أن يصنع صنيعهم، فيقول في شأن قارون: (فخسفنا به وبداره الأرض، فما كان له من فئة ينصرونه من دون الله، وما كان من المنتصرين) ويقول في شأن سبأ: (فأرسلنا عليهم سيل العرم، وبدلناهم بجنتيهم جنتين ذواتي أكل خمط وأثل وشيء من سدر قليل، ذلك جزيناهم بما كفروا، وهل نجازي إلا الكفور) … وهكذا.
كما أن القرآن لم يعمم لأن الحياة نفسها لا تعميم فيها، فإن في الحياة بجانب هؤلاء قوماً لم يطغهم المال، ولم يغير من نفوسهم شيئاً، فصحبوا المال أحسن الصحبة وأعطوا منه الفقير والمسكين، وتمتعوا بالطيبات في غير سرف ولا خيلاء، وكانوا كما قال حاتم الطائي:
غنينا زمانا بالتصعلك والغنى **** وكلا سقاناه بكأسيهما الدهر
فما زادنا تأوا على ذي قرابة **** غنانا، ولا أزرى بأحسابنا الفقر
وقد وردت آيات كثيرة تتمدح بصنيع هؤلاء، وما أعد الله لهم من حسن الثواب.
(للحديث بقية)