/ صفحة 279 /
يذكى الجوى بارد من ثغره شيم **** ويوقظ الوجد طرف منه وسنان
إن يمس ريان من ماء الشباب فلى **** قلب إلى ريقه المعسول ظمآن
بين السيوف وعينيه مشاركة **** من أجلها قيل للأغماد أجفان
فلما انتهى إلى هذا البيت، قام بعض الحاضرين وقال له: يا شجاع، أعد ما قلته مرتين أو ثلاثاً، والشيخ في أثناء ذلك متواجد، ثم صرخ صرخة هائلة، سقط على أثرها ميتاً؛ فقال المغني: هكذا جرى في سماعي مرة أُخرى، مات فيه آخر. وهذا أمر متعالم مشهور. ولا عجب فقد قالت الحكماء: إن للغناء فضيلة يتعذر على المنطق إظهارها، ولم يقدر على إخراجها بالعبارة فأخرجها بالعبارة فأخرجها النفس لحناً موزونا، فلما سمعتها الطبيعة استلذتها وفرحت وسرت بها، فاسمعوا من النفس حديثها ومناجاتها.
وأكثر أخيلة الصوفية ومعانيها، تدور في محيط (وحدة الوجود) و(الحلول) وهما نظريتان تضربان في صميم الفلسفة بأعراق، وليست أعرض لهما بالشرح والنقد فذلك مجال زميلي الكريم الأستاذ الفيلسوف: دكتر محمد الهي مراقب البحوث بالأزهر.
ولا أروم ـ بحمد الله ـ منزلة **** غيري أحق بها مني إذا راما
بل أنا أول العاملين بقول الأخضري:
فابن الصلاح والنواوي حرما
وإنما أرمقهما من زاويتي الخاصة: (صلة الأدب بالفلسفة).
ووحدة الوجود ـ وقريب منها الحلول ـ يفسرها بعضهم بأن الله تعالى روح وأن العالم جسم لذلك الروح.
ويفسرها آخرون بأنه لا موجود إلا الوجودذذذذذذذالواحد، وجميع الموجودات تعينات لذلك الوجود، ومظاهر له، فكل شيء في الوجود هو الله تعالى.,
وقد يشير إلى هذا قول ابن الفارض:
وفي الصحو بعد المحو لم أك غيرها **** وذاتي بذاتي إذ تجلت تحلت
وما زلت إياها وإياي لم تزل **** ولا فرق، بل ذاتي لذاتي أحبت