/ صفحة 259 /
وكان احتفال إيران بهذا العيد أيضاً، كلا الاحتفالين يشترك فيه العرب والفرس، ويساهم فيه المتهمون بالثقافة من العالم المتمدين، فمرحى بهذا التقدير الجليل، ورحم الله ابن سينا الذي خدم العالم بعلمه، ونبذ التعصب للعنصر أو اللغة، واليوم تنبذ التعصبات في سبيل الاحتفال بذكره، فتطلب إلى اللجنة الثقافية لجامعة الدول العربية لتخليد ذكرى ابن سينا التي أتشرف بعضويتها، أن أكتب عن ابن سينا بين الفرس والعرب ـ وإن كنت أرى أن ابن سينا ليس بين الفرس والعرب، وأنه للفرس والعرب كليهما، بل وللعالم المثقف كله ـ وهي إذ تطلب هذا، تضرب مثلاً في البعد عن كل نواحي التعصب، وهو ما لمسته فعلاً في جلساتها المتكررة، مما يجعلني أتطلع إلى مستقبل الثقافة في البلاد الإسلامية بعين المتفائل المستبشر.
ومما هو جدير بالذكر، ولا بد من تسجيله هنا، أن الترابط الثقافي، وبالتالي التعارف بين أبناء الشرق ـ والبلاد الإسلامية بوجه خاص ـ كان عند آبائنا رغم صعوبة الأسفار، وانعدام المواصلات السلكية منها أو اللاسلكية أو البريدية المنظمة، وعدم اختراع الطبع (المطبعة)، كان أكثر بكثير مما نحن عليه في عصرنا هذا، وذلك لعوامل تتحكم ـ مع الأسف ـ فينا لسنا بصدد ذكرها الآن.
وكيفما كان نرى هذا الاحتفال خطوة مباركة في سبيل التقريب بين المسلمين والتعارف بينهم، نرجو أن تتبعها خطوات أُخرى من هذا القبيل، وبهذا الروح النييل إن شاء الله.