/ صفحة 257 /
يحكمون باسم السنة، والصفويون تقوم حكومتهم على الدعوة للتشيع، ومن هذا يتضح أن السياسة التي تقضي على كل رطب ويابس لم تكن ترى في اللغة شيئاً يحارب.
وفي ظل هذه السماحة المطلقة تمكنت اللغة العربية من الانتشار والتوسع، وانفسح أمامها الطريق وتعبد، وأصبحت لغة العلم والعلماء بين المسلمين من ساحل الأطلنطي إلى الشرق الأقصى.
فهذا هو الفارابي وموطنه (ما وراء النهر) ولغته التركية، ألف كتبه الفلسفية بالعربية، وعلي بن الطبري وهو من مازندران بطبرستان وضع بالعربية كتبه الطبية. كفردوس الحكمة، والرازي محمد بن زكريا من أهل الري قرب طهران، كتب مؤلفاته: الحاوي الصغير، والحاوي الكبير، ورسائله الطبية وغيرها باللغة العربية، وأبو نصر سراج الطوسي وضع بالعربية كتاب اللمع في التصوف، والغزالي الطوسي، وهو من خراسان ألف كتبه المعتبرة بالعربية، وأكثر من هذا أن عمر الخيام النيسابوري وضع كتبه العلمية في الرياضيات باللغة العربية، وعلي بن عباس الأهوازي ألف كتابه كامل الصناعة الطبية في الطب باللغة العربية، مع أنه قدم كتابه هذا إلى عضد الدولة الديلمي من حكام إيران.
وللغة العربية عند علماء الشرق في البلاد الإسلامية نظير عند الغربيين في اللغة اللاتينية، فهذا فرانسيس باكون العالم المعروف والفيلسوف الانجليزي الشهير وضع كتبه باللاتينية، وديكارت فرنسي الأصل ألف بنفس اللغة، والقديس توما داكن كتب كتبه باللاتينية، بل إن بيرو الجراح الفرنسي حين وضع كتابه باللغة الفرنسية أثار اعتراض الخاصة وتهكم العامة، لأنه تحول عن طريق العلماء ولم يكتب كتابه باللاتينية التي ظلت لغة العلم والعلماء في أوربا إلى نهاية القرن السابع عشر.
بقي أن نورد أهم الأسباب التي مكنت اللغة العربية وساعدت على جعلها اللغة العلمية في البلاد الإسلامية. ذلك لأنها كانت لغة الطبقة الحاكمة فوق أنها لغة الدين، وبها نزل القرآن الكريم، حتى أصبحت كلمة العربية مرادفة للإسلام،