/ صفحة 249 /
ولد له ما في السموات وما في الأرض وكفى بالله وكيلا، لن يستنكف المسيح أن يكون عبداً لله ولا الملائكة المقربون، ومن يستنكف عن عبادته ويستكبر فسيحشرهم إليه جيمعاً).
من هذه الفصول التي كتبناها عن سورة النساء يتبين أنها عالجت أحوال المسلمين فيما يختص بتنظيم شئونهم الداخلية، وحفظ كيانهم الخارجي، ووضعت المبادء القويمة لحياتهم في الناحيتين، وأنها لم تقف في الجانب الخارجي عند حد التنبيه على عناصر المقاومة المادية؛ بل نبهت على ما يجب أن تحفظ به عقدة الأمة ومبادئها من التأثر بما يلقى في شأنها من الشكوك والشبه، وفي هذا إيحاء يجب على المسلمين أن يلتفتوا إليه وهو أن يحتفظوا بمبادئهم كما يحتفظون بأوطانهم، وأن يحصنوا أنفسهم من شر حرب أشد خطراً وأبعد في النفوس أثراً من حرب السلاح المادي: تلك هي حرب التحويل من مبدأ إلى مبدأ، ومن دين إلى دين مع البقاء في الأوطان والإقامة في الديار والأموال.
ألا وإن شخصية الأمة ليتطلب بقاؤها الاحتفاظ بالجانبين: جانب الوطن والسلطان، وجانب العقيدة والإيمان. وعلى هذا درج سلفنا الصالح فعاشوا في أوطانهم آمنين، وبمبادئهم وعقائدهم متمسكين.
وفق الله المسلمين إلى فهم أسرار كتابهم، واتخاذه أساساً لحياتهم، حتى يعود إليهم ذلك المجد السالف، ويتبوءوا في العالم المكانة التي أعدها الله لعباده المؤمنين الصالحين.
والسلام على من اتبع الهدى