/ صفحة 82 /
الأنصاري التي أجازها كثير من علماء القرن السابع الهجري في الشام والعراق والحجاز وفارس، وعن نشوان بنت الجمال عبد الله بن محمد الكناني التي حمد الطلبة محبتها لهم وصبرها عليهم.
__وتبدو لنا مدى رغبة المرأة في تحصيل العلم إذ استعرضنا ـ على سبيل المثال ـ أخبار هاجر بنت محمد بن محمد بن أبي بكر القاهرية المتوفاة سنة 874هـ، التي أخذت العلم عن واحد وأربعين شيخا منهم ثلاث سيدات، والتي أجازها أربعة عشر شيخا من أعلام عصرها، وقد حدث أن شغل التحصيل بعضهن فانقطعن للعلم، ولم يتزوجن طوال حياتهن.
والذي يستعرض كتب التراجم والطبقات التي تناولت أخبار نساء ذلك العصر، يلاحظ رغبة المتعلمات وميلهن إلى اتقان الخط، وحفظ القرآن، والحديث، والقراءات، والفقه، والتأليف في كل ذلك أو بعضه، غير أني لم أستطع الظفر ـ بمناسبة هذا المقال ـ بكتاب محفوظ باسم واحدة من فضليات ذلك العصر، على الرغم من ورود أ سماء كثيرة لمؤلفات لهن فيما قرأته من مراجع.
ومما يدعو إلى الدهشة حقاً كثرة عدد النساء المشتغلات بالعلم، والعا كفات عليه منذ آل أمر العالم الإسلامي إلى السلاجقة والمماليك، وأعجب من هذا أن أشياخ العلم في ذلك الزمان، أمثال: الحافظ بن عساكر (499 ـ 571هـ) ـ إمام أهل عصره في الحديث ـ قد أخذ بعض علمه عن نساء زمانه، وأن شيوخه منهن بلغن نيفاً وثمانين، وأن ابن حجر ـ وهومن هو في عالم التدريس والفتيا وصاحب المؤلفات القيمة في التاريخ ـ لم يجد غضاضة في أن يأخذ بعض علمه عن امرأة، أوان يطلب إليها أن تجيزه، بل يعدها وغيرها ضمن أشياخه بكل افتخار واحترام، وإن ما نقرؤه في كتب التراجم، من سعي طالبي العلم في ذلك العصر إلى تلقيه عن الشمهورات به في مصر والشام والعراق وغيرها، والجلوس في حلقات دروسهن للاستماع، يعطينا فكرة واضحة قوية عن مركز المرأة العلمي وعما نالته من تقدير معاصريها واحترامهم.