/ صفحة 75 /
إلا بقدر ما يعود عليها من نفع خاص، فهي تسخر المجتمع وتستغله لصوالحها ولو حرمته من كل وسائل الحياة الإنسانية الشريفة، ومن هذا الصنف قيادة المستعمرين في كل أمة تفقد حريتها واستقلالها.
والقائد سواء أكان رسولا أو مصلحاً غير رسول. يجب أن يكون مؤمناً بمبادئه إيماناً قوياً ثابتاً، لا تزعزعه الأحداث، بل يجب أن يكون مؤمناً بأن مبادئه هي أصلح المبادئ التي تحقق لمجتمعه العزة والسعادة، وتضمن له الخير والأمن والسلام، فإذا تطرق إلى القائد شك في صلاحية مبادئه، أو ضعف في إيمانه بخيريتها، فهو قائد لابد أن تفشل قيادته. أو تنبذه أمته، كذلك يجب أن يتوسل القائد إلى إقناع المجتمع بصلاحية منهجه. وخيرية مبادئه، متدرعا بالصبر والمثابرة، في مواجهة ما لابد أن يصادفه من صعاب وعناد وإيذاء، وليعلم أن رواد الإصلاح منذ القدم أصابهم ما يصيبه، ووجدوا ما وجد. لأن طريق الإصلاح حف بالأخطار، ونثرت على جنبانه أشواك وأشواك، وليعلم أن نجاح قيادته، واستقرار دعوته، مرهونان بقوة احتماله وصبره ومثابرته (ولقد كُذّبت رسل من قبلك فصبروا على ما كذبوا وأوذوا حتى أتاهم نصرنا، ولا مبدل لكلمات الله، ولقد جاءك من نبأ المرسلين). (واصبر كما صبر أولوا العزم من الرسل) فليسر على الشوك صابراً راضياً، حتى يحصل من أتباعه على إيمان كإيمانه، وصبر كصبره، ومثابرة كمثابرته، لأنه قدوة حسنة، وخادم لأتباعه غير معوج السلوك، ولا بخيل عند البذل، ومن إيمان القائد المصلح بصلاحية مبادئه، وصبره ومثابرته على الدعوة، ومن إيمان أتباعه بصدقه وإخلاصه، وخيرية مبادئه، ومن روح التوافق والانسجام التي تظل القائد وأتباعه، ومن رغبة الجميع في تحقيق الخير للجميع، تتكون عوامل النصر والنجاح للقيادة الرشيدة.
بهذا الإيمان تغلب الرسل والمصلحون على كل ما واجههم من عقبات وعنت وإيذاء، وبه حطموا أغلال الشرك والاستعباد، وخلصوا شعوبهم من إرهاق المتجبرين، وأخرجوهم من الظلمات إلى النور.