/ صفحة 435/
الخزرج، وأرادوا أن يبايعوه بالخلافة، فذهب إليهم أبو بكر الصديق في نفر من المهاجرين، ودار بين الفريقين جدال في هذا الأمر، وكان جدالا عنيفاً كاد يصل إلى إثارة حرب بينهما، حتى انهم لما قاموا ببيعة أبي بكر قام الحباب ابن المنذر إلى سيفه فأخذه، فبادروا إليه فأخذوا سيفه منه، فجعل يضرب بثوبه وجوههم حتى فرغوا من البيعة، فقال: فعلتموها يا معشر الأنصار! أما والله لكأني بأبنائكم على أبواب أبنائهم، قد وقفوا يسألونهم بأكفهم، ولا يسقون الماء فقال أبو بكر: أمنا تخاف يا حباب؟ قال: ليس منك أخاف، ولكن ممن يجيء بعدك. فقال أبو بكر: أمنا تخاف يا حباب؟ قال: ليس منك أخاف، ولكن ممن يجيء بعدك. فقال أبو بكر: فإذا كان ذلك كذلك فالأمر إليك والى أصحابك، ليس لنا عليكم طاعة. فقال الحباب: هيهات يا أبا بكر، إذا ذهبت أنا وأنت جاءنا بعدك من يسومنا الضيم.
و أبي سعد بن عبادة أن يبايع أبا بكر، فأرسل إليه أن أقبل فبايع، فقد بايع الناس وبايع قومك، فقال: أما والله حتى أرميكم بكل سهم في كنانتي، وأخضب منكم سناني ورمحي، وأضربكم بسيفي ما ملكته يدي، وأقاتلكم بمن معي من أهلي وعشيرتي، ولا والله لوان الجن الجتمعت لكم مع الإنس ما بايعتكم حتى أعرض على ربي، وأعلم حسابي. فتركوه حقناً لدماء المسلمين، حتى مات في خلافة عمر ولم يبايع له ولا لأبي بكر.
وقد تخلف جماعة من بني هاشم عن بيعة أبي بكر، وانضم إليهم الزبير بن العوام وخالد بن سعيد بن العاص، والمقداد بن الأسود، وسلمان الفارسي، وأبو ذر الغفاري، وعمار بن ياسر، والبراء بن عازب، وأبي كعب، ومالوا مع علي ابن طالب، وقال عتبة بن أبي لهب: ما كنت أحسب أن الأمر منصرف عن هاشم ثم منهم عن أبي حسن عن أول الناس إيمانا وسابقة وأعلم الناس بالقرآن والسنن وآخر الناس عهدا بالنبي ومن جبريل عون له في الغسل والكفن فبعث أبو بكر عمر بن الخطاب إلى علي ومن معه، فخرج علي حتى أتى