/ صفحة 385/
ما بقى من الربا ان كنتم مؤمنين. فان لم تفعلوا فأذنوا بحرب من الله ورسوله.
وان تبتم فلكم رؤوس أموالكم لا تظلمون ولا تظلمون. وان كان ذو عسرة فنظرة إلى ميسرة. وأن تصدقوا خير لكم ان كنتم تعلمون. واتقوا يوما ترجعون فيه إلى الله ثم توفى كل نفس ما كسبت وهم لا يظلمون)). (2 / 278 ـ 281)
هذه أيها السادة والسيدات نصوص التشريع القرآني في الربا مرتبة على حسب تسلسلها التاريخي.
وانكم لترون الآن أن الفئة التي تزعم أن الإسلام يفرق بين الربا الفاحش وغيره (وهي فئة من المتعلمين الذين ليس لهم رسوخ قدم في علوم القرآن) لم تكتف بأنها خالفت اجماع علماء المسلمين في كل العصور، ولا بأنها عكست الوضع المنطقي المعقول حيث جعلت التشريع الإسلامي بعد أن تقدم إلى نهاية الطريق في اتمام مكارم الاخلاق يرجع على أعقابه ويتدلى إلى وضع غير كريم، بل انها قلبت الوضع التاريخي، إذ اعتبرت النص الثالث مرحلة نهائية، بينما هولم يكن الا خطوة انتقالية في التشريع: لم يختلف في ذلك محدث ولا مفسر ولا فقيه.
على أننا لو فرضنا المحال ووقفنا معهم عند هذا النص الثالث فهل نجد فيه ربحا لقضيتهم في التفرقة بين الربا الذي يقل عن رأس المال، والربا الذي يزيد عليه أو يساوية؟
كلا، فانه قبل كل شيء لا دليل في الآية على أن كلمة الأضعاف شرط لابد منه في التحريم، إذ من الجائز أن يكون ذلك عناية بذم نوع من الربا الفاحش الذي بلغ مبلغا فاضحاً في الشذوذ عن المعاملات الانسانية، من غير قصد إلى تسويغ الأحوال المسكوت عنها التي تقل عنه في هذا الشذوذ. ومن جهة أخرى فان قواعد العربية تجعل كلمة ((أضعافا)) في الآية وصفا للربا لا لرأس المال كما قد يفهم من تفسير هؤلاء الباحثين. ولوكان الأمر كما زعموا لكان القرآن لا يحرم من