/ صفحة 378/
إسبارطة:
غير أن مدينة إسبارطة تبدو لنا في صورة استثناء من هذه القاعدة العامة، إذ لا يعرف في تاريخها أنها تعاملت بالربا أوانها نظمته. وقد يرجع السر في ذلك إلى أنها ـ من جهة ـ لم تكن ذات طابع تجاري واضح، حتى انها لم يكن لها نظام نقدي، بل كانت عمدتها الرئيسية في التعامل هي المبادلة والتقايض، ومن جهة أخرى فان قانونها لم يكن يخول للغرباء الذين يحملون نقود بلادهم أن يدخروا الذهب والفضة، ومن عرف عنه أنه يكتنز شيئاً منها كان جزاؤه الإعدام.
اليهودية والنصرانية:
فإذا ما انتقلنا الآن من المنظمات المدنية إلى التشريعات الدينية، فاننا نشهد ظاهرة جديدة في تاريخ التشريع في هذا الشأن، فبعد أن كنا نرى التعامل بالربا في الشرائع غير الدينية أمراً سائغاً في حدود واسعة أو ضيقة، نرى التشريعات السماوية تتجه به نحو الحظر والتحريم الكلي.
هكذا نقرأ في كتاب العهد القديم: ((إذا أقرضت مالا لأحد من أبناء شعبي … فلا تقف منه موقف الدائن: لا تطلب منه ربحاً لمالك)) (الآية 25 من الفصل 22 من سفر الخروج) وفي موضع آخر: ((إذا افتقر أخوك فاحمله … لا تطلب منه ربحاً ولا منفعة)) (الآية 35 من الفصل 25 من سفر اللاويين).
وكذلك نقرأ في كتاب العهد الجديد: ((إذا أقرضتم لمن تنتظرون منهم المكافأة فأي فضل يعرف لكم؟ … ولكن … افعلوا الخيرات وأقرضوا غير منتظرين عائدتها. وإذا يكون ثوابكم جزيلا)) (الآيتان 34 و35 من الفصل 6 من إنجيل لوقا) ولقد أجمع رجال الكنيسة ورؤساؤها، كما اتفقت مجامعها على أن هذا التعليم الصادر من السيد المسيح (عليه السلام) يعد تحريما قاطعاً للتعامل بالربا.
حتى ان الآباء اليسوعيين الذين يتهمون غالبا بالميل إلى الترخص والتسامح في مطالب الحياة وردت عنهم في شأن الربا عبارات صارمة، منها قول سكوبار: ((ان