/ صفحة 342/
نعم ان هذه شرعتهم، فهم ينظرون إلى الشرقيين في كل شيء بعين غير العين التي ينظرون بها إلى الغربيين، ومن تتبع سياستهم وأعمالهم آمن بذلك:، فهم يستبيحون أن يحاربوا الشرقيين بالميكروبات، ولا يستبيحون ذلك في حرب بعضهم بعضا، وهم لا يرون أن يستعمر الغربيون شعبا غربيا بينما يستعمرون الشرقيين، وحينما جربوا القنبلة الذرية جربوها في اليابان ولم يجربوها في ألمانيا ولا في ايطاليا، وان معاملهم ومصانعهم لتفرق بين ما تنتجه للشرقيين وما تنتجه للغربيين حتى فيما تخرجه من الدواء، وهم يرون التمتع بالحرية في القول والرأي والعمل حقا لهم يغارون عليه ولا يتهاونون في شأنه، فإذا رأوا شعبا شرقيا تطلع لمثل ذلك أو لبعض ذلك سخروا منه ونصحوا لأبنائه بالاعتدال.
هذه نظرتهم الينا، وهذه معاملتهم ايانا، ونحن قد أعناهم على هذا البغي حين آمنا بهم، وكفرنا بأنفسنا، حين ارتبطنا بأنظمتهم، ورضينا بأحكامهم، حين اعتمدنا على مجالسهم ومحاكمهم، فإذا أردنا أن نخرج بأنفسنا من هذا الضيق، وأن نتخلص من هذه الآصار التي حملونا عليها، ثم حملونا آثامها، فلنجرب الثقة بأنفسنا والاعتماد على قوتنا، ولندرك أن الظالم ليس من شأنه أن يرد ما اغتصب والا لما أقدم على الظلم، ولنأخذ حقوقنا بقوة ايماننا وصدق عزائمنا، ولنشعر أعداءنا بأننا قد صممنا، وبأنه ليس فينا من يضعف أمام وعيدهم أو اغرائهم، اننا ان فعلنا ذلك حملناهم على احترامنا واكبارنا، وأثبتنا لهم أننا أهل للفوز بحقوقنا، فلا تلبث الخنزوانه التي تلوى عنا رؤسهم أن تزول، ورحم الله الشاعر الذي يقول:
من أطاق التماس شيء غلابا واغتصاباً لم يلتسمه سؤالا
محمد محمد المدني