/ صفحة 341/
من ذاتها، ووضعوها وضعاً بين بضع دول اسلامية عربية، واستعانوا على هذه الدول بقرارات الهيئة التي بشرت بالعدل، والمجلس الذي احتضن الدفاع عن الامن، فإذا الدخيل يأكل الاصيل، وإذا أهل فلسطين العربية الإسلامية مشردون أخرجوا من ديارهم وأموالهم على أعين من الناس وهم يشهدون، وإذا العالم يتواطأ على السكوت عن أكبر السرقات وأخسها في تاريخ اللصوصية الاستعمارية، فقد كان العهد بالمستعمرين أن يزاحموا أهل الديار في ديارهم، أما أن يجلوهم عنها، ويتركوهم نهباً للأمراض الفتاكة ما بين حسية ومعنوية، فما كنا نحسب أن ضمير العالم المتمدين يرضى به، أو يقبل السكوت عليه.
ان اللاجئين من أهل فلسطين الشهيدة يعانون ألوانا من البؤس والشقاء لا يكاد يتصورها فكر: انهم يعيشون مع الفقر في أبشع صوره، الفقر الذي يجعل الأم تخطف اللقيمة من فم ابنها لتقيت بها نفسها، الفقر الذي يزين للحرة الجائعة أن تاكل بثدييها، الفقر الذي هلهل الثياب، وشق الجيوب، وكشف السوآت، ان المرض يحصدهم حصدا وهم يرحبون به ولا يحبون أن يدفعوه عن أنفسهم لو استطاعوا له دفعا، لأنه منقذهم الوحيد من الشقاء الذي يعانون، وقد صار الأمر بهم إلى أن يفرحوا بموت الميت، ويحزنوا لميلاد المولود، أما الاخلاق بينهم فمن ذا الذي يتحدث عن الاخلاق، ومن ذا الذي يحب أن يسمع الحديث عنها والقوم على ما يصف الواصفون من مكابدة أصنف الشقاء، وألوان البلاء؟
يقع هذا على أهل فلسطين والدنيا تشهده، وهيئة الأمم ومجلس أمنها لا يحركان ساكنا، ولا يفكران في انقاذ هذه الأرواح البشرية، بينما تتقدم ((اسرائيل)) بشكواها من مصر إلى مجلس الأمن، فتقوم الدنيا وتقعد لهذه الشكوى مع أن مصر تمارس حقاً طبيعياً لها في ((تفتيش)) السفن المارة بها إلى عدوتها، وقد كان الحلفاء يفعلون ذلك بسفن أعدائهم، وكان أعداؤهم يفعلونه بسفنهم، فهل يحرم علينا ما يحل لغيرنا؟