/ صفحة 33 /
كانت منزلته، وقد حصل التصميم على إبقاء الحكم الاعتباري الذي يحرم ذوى الألوان وذريتهم من امتيازات الجنس الأبيض إلى أبد الأبيد).
أين هذا مما رفع به الإسلام قدر الانسانية من المساواة بين جميع أبنائها، بصرف النظر عن الأجناس والألوان، فقال رسوله محمد (صلى الله عليه وآله وسلم): (ليس لعربي على أعجمي، ولا لأبيض على أسود فضل إلا بالتقوى أو بعمل صالح)، فهدم بهذا الأصل الخطير حوائل الألوان التي كانت تحول دون إقرار العدل في نصابه في جميع البلدان، ثم قرر للأرقاء الحقوق نفسها التي للأحرار، بل جعل للأرقاء، وهو أرفع عَلَم يمكن نصبه للعدالة المثالية، مزايا ليست للأحرار، وذلك بإعفاء الأرقاء من أنصاف العقوبات التي يحكم بها على الأحرار في الجرائم المختلفة....
وهنا يحسن بنا أن نعرض على القراء طائفة من الأحاديث في هذا الشأن، تبين سمو النفسية المحمدية، ومبلغ ما وصلت إليه من الكمال. قال (صلى الله عليه وآله وسلم): (اتقوا الله فيما ملكت أيمانكم، أطعموهم مما تأكلون، واكسوهم مما تلبسون، ولا تكلفوهم من العمل ما لا يطيقون. فما أحببتم فأمسكوا، وما كرهتم فبيعوا، فان الله ملككم أياهم ولو شاء لملكهم اياكم).
وسأله رجل فقال: يا رسول الله، كم أعفو عن الخادم؟ فصمت رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ثم قال: (اعف عنه في كل يوم سبعين مرة).
قال بان المنكدر: إن رجلا من أصحاب رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ضرب عبداً له فجعل العبد يقول: أسألك بالله، أسألك بوجه الله، فلم يعفه. فسمع رسول (ص) صياح العيد فانطلق إليه فلما رأى الصحابي رسول الله أمسك يده. فقال له رسول الله: سألك بوجه الله فلم تعفه، فلما رأيتني أمسكت يدك. قال الرجل فانه حرلوجه الله يا رسول الله. فقال له النبي: لولم تفعل لسفعت وجهك النار).