/ صفحة 319 /
على الشيخ بها الدين العاملى، ثم على محمد باقر الاسترابادى المعروف بالمير الداماد وهؤلاء الثلاثة كانوا أشهر حكماء عصر هم تفخر بهم أصفهان، وهم شيوخه وأساتذته.
وقد روى المرحوم العلامة أبو عبدالله الزنجانى تفاصيل طريفة عن ظروف الصدفة التي جمعت بين صدر الدين والأمير أبي القاسم الفندرسكى (1)، ولم يذكر المصدر الذي استمدها منه، ولا شك عندى أنه استفادها من بعض ما كان ينفرد بامتلاكه من نوادر الكتب، على أنى أستبعد كثيرا أن تكون الصدفة هي التي عرفت صدر الدين في أول عهده بطلب العلم بأصفهان بالحكيم أبي القاسم الفندرسكى وهو إذ ذاك في شيخوخته في بعض حمامات المدينة، بل انى لأميل إلى الظن بأنه قصد إليه يلتمس أن يقرأ عليه، وأن يرشده ويوجهه في دراسته، ولعل الأستاذ اعتذر بكثرة شواغله وتقدمه في السن. ونصح تلميذه الشاب أن لايعتمد عليه كل الاعتماد، وأن يستفيد من الشيخين الذين كانت تفخر بهما أصفهان في ذلك الوقت.
وقد ذكر صاحب رياض العلماء (2) في ترجمته للحكيم الفندرسكى ما يلى: "السيد الأمير أبو القاسم الفندرسكى الحسينى الموسوى كان حكيما فاضلا فيلسوفا صوفياً ماهرا في العلوم العقلية والرياضية، معاصراً للسلطان الشاه عباس الماضى الصفوى، والسلطان الشاه صفى معظما عندهما، وله المام بالشعر، سافر إلى الهند وكرمه سلاطينها، ونقل من موفور مهارته في العلوم الهندسية والرياضية أنه قد جرى ذات يوم ذكر مسألة هندسية من كلام المحقق الطوسى، فأقام عليها السيد
ـــــــــــــــــــــ
1- الفيلسوف الفارسى الكبير صدر الدين الشيرازى، دمشق،ص 8
2- كتاب رياض العلماء من كتب التراجم المعروفة عندالشيعة، وليس بين يدى نسخة منه، وإنّما اقتبست عنه ما نقله المرحوم العلامة الشيخ عباس بن محمد رضا القمى في كتابه: "سفينة بحار الأنوار، ومدينة الحكم والآثار" ج 2 ص 430، أما مؤلف رياض العلماء فهو ميرزا عبدالله بن عيسى التبريزى، ثم الأصفهانى المشهور بميرزا عبدالله الأفندى، وقد جاءه اللقب التركى بسبب اقامته زمنا في الآستانة، وهومن أصحاب العلامة المجلسى، وكتاب الرياض يقع في مجلدات كثيرة، ولم يبلغنى أنه مطبوع.