/ صفحة 260 /
سوى تحقيق "تقوى الله" وما تقوى الله في واقع الأمر، سوى توفير العنصر الأخلاقي في شئون الحياة.
فإذا كانت السياسة في الإسلام، يجب أن توضع في اطار الدين، فالمقصود من ذلك، أن تخضع لمبدأ أخلاقي، ينفى عنها الظلم والعدوان، سواء في داخل البلاد أوفي خارجها. وإذا كان الاقتصاد يجب أن يظل في اطار الدين أيضاً، فلأن الغرض من ذلك هو ترسيخ اقتصاديات البلاد والمعاملات الاقتصادية على قاعدة أخلاقية، هي عدم افساحه المجال لمظلمة، بحيث يسود نظام التكافؤ في المغرم والمغنم بين جميع المتعاملين، سواء أكانوا عمالا أم رأسماليين.
فالدين في الإسلام اذن، عبارة عن العنصر الأخلاق وتحقيق وجود في كل مرفق من مرافق الحياة، وليس شيئاً آخر. وهو ما عبر عنه في الكلمة المأثورة: "الدين المعاملة" أي المعاملة الحسنة الخالية من الظلم بأنواعه، وهو ما حققه العرب في فترة من فترات تاريخهم السياسى لما حضعوا لاسلام، استلزمت أن يشهد لهم مؤرخ أو روبى عظيم، فيقول "ان العرب أول من علم الناس كيف تتفق حرية الفكر مع استقامة الدين".
من أجل هذا، لم يعد يستقيم النظر إلى الدين في الإسلام، من خلال الكوة التي ينظر منها إلى غيره من الأديان، ولا أن ننفيه من شئون الحياة، الا إذا أردنا أننفى العنصر الأخلاقي عنها.
ولما كانت مشاكل الاقتصاد الرأسمال الغربي، ناجمة في أحد وجوهها الرئيسية، من استبعاد العنصر الأخلاقي عن المعاملات الاقتصادية، فسيجد القارىء أن الاقتصاد الإسلامي وقد قام على توفير العنصر الأخلاقي، هو الاقتصاد الفريد الذي يقف موقفا فريداً بين تطرف الاقتصادين: الرأسمالي والشيوعي الاشتراكي ويحل مشاكلهما، إذ يجمع بين فضائل هذين الاقتصادين من غير أن ينجر إلى عيوبهما.