/ صفحة 241 /
أن الصلة بين الزوجين أعلى وأشرف من أن يجعل عوضها دراهم معدودة، فليس المهر في نظر الإسلام ثمنا، ولا عوضا عن شيء يملكه الرجل في الرأة كما يظن كثير من الناس، وإنّما هو آية من آيات المحبة والتقدير، ولذلك كان واجبا على الرجل، وان اتفق الزوجان على الاّ مهر للزوجة "وآتوا النساء صدقاتهن نحلة".
وإذا تنبهنا إلى أن كلمة ميثاق لم ترد في القرآن الكريم الا تعبيراً عما بين الله و
عباده من موجبات التوحيد، والتزام الأحكام، وعما بين الدولة والدولة من الشئون العامة الخطيرة، علمنا مقدار المكانة التي سما القرآن بعقد الزواج إليها، وإذا تنبهنا مرة أخرى إلى أن وصف الميثاق "بالغليظ" لم يرد في موضع من مواضعه الا في عقد الزواج تضاعف لدينا سمو هذه المكانة التي رفع القرآن إليها هذه الرابطة السامية عن كل ما أطلق عليه كلمة "ميثاق".
وبينت السورة الدرجة التي جعلها الله للرجال على النساء بعد أن سوى بينهما في الحقوق والواجبات، وأنها لاتعد ودرجة الاشراف والرعاية بحكم القدرة الطبيعية التي يمتاز بها الرجل على المرأة، وبحكم الكد والعمل في تحصيل المال الذي ينفقه في سبيل القيام بحقوق الزوجة والأسرة. وليست هذه الدرجة درجة الاستعباد والتسخير كما يصورها المخادعون المغرضون. واقرأ في ذلك أولا قوله تعالى في سورة البقرة:"ولهن من مثل الذي عليهن بالمعروف وللرجال عليهن درجة" ثم اقرأ في سورتنا قوله تعالى:"الرجال قوامون على النساء بما فضّل الله بعضهم على بعض وبما أنفقوا من أموالهم".
واَرشدت السورة بعد هذا إلى أن النساء أمام هذه الرياسة منهن صالحات، وأن من شأن الصالحات القنوت وهو السكون والطاعة لله فيما أمر به، ومنه القيام بحقوق الزوجية والرياسة المنزلية والخضوع لرياسة الرجل فيما جعلت له فيه الرياسة والاحتفاظ بالاسرار الزوجية والمنزلية، التي لاينبغى أن يطلع عليه أحد غير الزوجين، وأن هذا الصف من الزوجات ليس للزوج عليهن شى ء من سلطان التأديب.