/ صفحة 240 /
ولقد كان لما اتخذته الفتاة لنفسها أو مكنها منه ولى أمرها من حرية واسعة في هذه الأيام نصيب كبير فيما نرى من أزمة الزواج، واعراض الشباب عنه، لما يعلمون عن الفتاة من أخلاق جعلت الزواج في نظر هم بابا من أبواب الشقاء.
فعلى الفتاة، وعلى ولى أمرها أن يتدبرا الأمر، فان عليهما وحدهما تقع تبعة هذه المشكلة، وعليهما وحدهما أن يعملا على حلها ان ارادا الخير والسعادة.
وأفرغت السورة على عقد الزواج صبعة كريمة أخرجته عن أن يكون عقد تمليك كعقد البيع والاجارة، أو نوعا من الاسترقاق والأسر كما كانت قبل الإسلام عند العرب وغيرهم. أفرغت عليه صبغة "الميثاق الغليظ".
ولهذا التعبير قيمته في الايحاء؟ بموجبات الحفظ والرحمة والمودة ; وبذلك كان الزواج عهداً شريفا، وميثاقاً غليظا ترتبط به القلوب، وتختلط به المصالح ويندمج كل من الطرفين في صاحبه، فيتحد شعور هما، وتلتقى رغباتهما، وآمالهما، كان علاقة دونها علاقة الصداقة والقرابة، وعلاقة الأبوة والبنوء "هنّ لباس لكم وأنتم لباس لهن""ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجا لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة ان في ذلك لآيات لقوم يتفكرون " يتفكرون فيدركون أن سعادة الحياة الزوجية إنّما تبنى على هذه العناصر الثلاثه: السكن والموادة والرحمة. وجدير بمن يتخذون الزواج وسيلة للاغناء بمال الزوجة أو مال الزوج أو جاه كل منهما أن يتدبروا ما تؤول إليه حال كثير ممن ينهجون المنهج المادى في ايجاد تلك الرابطة الروحية القلبية، فكم من بيوت خرت على عروشها، وكم من أبناء شردوا، وكم من أزواج تعرضوا للذلة والمهانة حينما تقلص عن أفق حياتهم الزوجية هذا المال الذي كانوا يقصدون، وهذا الجاه الذي كانوا عليه يعتمدون.
ولما أخرج القرآن عقد الزواج عن أن يكون عقد تمليك طرفاه مبيع وثمن أفرغ على المال الذي يبذله الرجل للزوجة صبغة "الصدُقات" ووصفه بأنه نحلة، والنحلة ما يمنح عن طيب نفس دون أن يكون عوضاً عن شى ء ولاريب