/ صفحة 191 /
يكون صاحب أبقار، وليس للرجل من هدف إلا أن ينمي عدد مواشيه. وبعض القبائل تحتفظ بقرون ما ينفق من الماشية دليلا على الجاه التليد والغني الموروث.
ورعاة البقر يحيون كإخوانهم رعاة الابل في رحلة وانتقال، وقليل منهم المستقرون، وحتى في الجنوب حيث يغزر المطر، وتتكاثف الحشائش، تقوم الحياة على أساس الحركة والتنقل، فالفيضانات السنوية تضطر السكان إلى ترك منازلهم في السهول المنخفضة الكثيرة المستنقعات إلى منازل أخرى مؤقته في التلال والأراضي المرتفعة، ومع أن القوم يتشابهون في حرفتهم إلا أنهم يختلفون في جنسهم؛ فمنهم الجماعات العربية التي تنزل في جنوب دارفور وكردفان، ومن أشهر قبائلهم البقارة، ويحيون في نظام ليس بدويا خالصا، ولكنه شبيه بالبدوي إلى حد بعيد.. ومنهم الجماعات النيلية وينزلون في أعالي النيل، ويتكونون من شعوب وقبائل تنتمي إلى أصول واحدة وتتشابه في خلقتها بصفة عامة. ولكنها تتكلم بألسنة مختلفة ولكل منها عاداته الخاصة وتقاليده المتوارثة. وتختلف طرق حياتهم من إقليم إلى إقليم، ولكن يوحد بينهم جميعا أن هذه الحياة مهماً اختلفت ألوانها، وتعددت مظاهرها، إنّما تتركز حول البقرة والعناية بشئونها، وهم يمارسون شيئاً من الزراعة، ولكن المرعى يمثل العمود الفقري في حياتهم الاقتصادية.
ومن شعوب هذه المجموعة الشُّلك، ويعيشون على الجانب الغربي للنيل الأبيض وفي أسفل السوباط، وقد أخذوا يستقرون بالتدريج، وبدأ اعتمادهم على الماشية يقل عن غيرهم من الشعوب النيلية، وإن تكن قطعانهم لا تزال موفورة العدد... ومن شعوبها الدِّنكار والنُّوِير، ويحتلون المناطق المنبسطة في الأحواض الدنيا لبحر الغزال، وبحر الجبل، ونهر السوباط، ويحيون حياة بدائية بسيطة قوامها الماشية التي يحتفظون بها لذاتها وقلما يفرطون فيها بالبيع أو الذبح.
أما الزراع المستقرون في السودان، فأراضيهم على جانبي النيل في واديه الضيق شمال الخرطوم، وفي هضاب كردفان ودارفور، وفي أراضي الجزيرة الجيدة التربة الموفورة الماء، وليس الوادي في شمال الخرطوم سوى شريط ضيق من