/ صفحة 182 /
وسلم، أن القدرية والمرجئة مجوس هذه الأمة، وحديثاً آخر: تفترق هذه الأمة على بضع وسبعين فرقة كلها في النار حاشا واحدة. وهذان حديثان لا يصحان أصلا من طريق الإسناد، وما كان هكذا فليس بحجة عند من يقول بخير الواحد، فكيف من لا يقول به.
وقال ابن الوزير في كتاب ـ العواصم والقواصم ـ إياك أن تغتر بزيادة)كلها في النار إلا واحدة(فإنها زيادة فاسدة، ولا يبعد أن تكون من دسيس الملاحدة.
ومما طعن به في سند ذلك الحديث أن فيه محمد بن عمرو الليثي، وهو ممن أخرج له الشيخان في المتابعات فقط، ومثله لا يحتج بحديثه إذا لم يتابع، وقد قال فيه الذهبي: محمد بن عمرولم يحتج به منفردا، ولكن مقروناً بغيره، وكذلك في بعض سنده عبد الرحمن بن زياد ابن أنعم، في بعضه كثير بن عبد الله، في بعضه عباد بن يوسف، وراشد بن سعد، وفي بعضه الوليد بن مسلم، وفي بعضه مجاهيل كما يظهر من كتب الحديث.
على أن ذلك الحديث قد أخرجه صاحب مسند الفردوس بزيادة تناقض الزيادة السابقة (كلها في النار إلا واحدة)، فقال: أخبرنا أبو ثابت بن منصور، أخبرنا جعفر بن محمد بن الحسين الأبهري، حدثنا صالح بن أحمد الحافظ، حدثنا ابراهيم بن محمد بن يعقوب، حدثنا الحسن بن زولاق، حدثنا نعيم بن حماد، حدثنا يحيى بن يمان، عن ياسين الزيات، عن سعد بن سعيد أخي يحيى، عن أنس، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): تفترق أمتي على بضع وسبعين فرقة، كلها في الجنة إلا الزنادقة.
وقد قال الشمس محمد بن أحمد البشاري المقدسي في كتاب ـ أحسن التقاسيم ـ بعد أن عدد الفرق وذكر حديث (اثنتان وسبعون في الجنة وواحدة في النار)، وحديث (اثنتان وسبعون في النار وواحدة ناجية): هذا أشهر، والأول أصح إسنادا.