/ صفحة 181 /
وسبعين فرقة، وإن أمتي ستفترق على أثنتين وسبعين فرقة، كلها في النار إلا واحدة وهي الجماعة.
ثم ذكر بعد رواية هذه الطرق أن للحديث الوارد في افتراق الأمة أسانيد كثيرة، وقد رواه عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) جماعة من الصحابة، كأنس بن مالك وأبي هريرة، وأبي الدرداء، وجابر، وأبي سعيد الخدري، وأبي بن كعب، وعبد الله ابن عمرو بن العاص، وأبي أمامة، وواثلة بن الأسقع.. وغيرهم.
ثم ذكر أن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) لا يريد من الفرق المذمومة التي هي من أهل النار فرق الفقهاء الذين اختلفوا في فروع الفقه، مع اتفاقهم على أصول الدين، لأن المسلمين فيما اختلفوا فيه من فروع الحلال والحرام على قولين:
أحدهما: قول من يرى تصويب المجتهدين كلهم في فروع الفقه وفرق الفقه كلها عندهم مصيبون.
والثاني: قول من يرى في كل فرع تصويب واحد من المختلفين فيه، وتخطئة الباقين من غير تضليل منه للمخطئ فيه.
فلا يريد النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) عنده بالفرق المذمومة، إلا فرق أصحاب الأهواء الضالة الذين خالفوا الفرقة الناجية في أبواب العدل والتوحيد، أوفي الوعد والوعيد، أوفي بابي القدر والاستطاعة، أوفي تقدير الخير والشر، إلى غير هذا من الأبواب التي انفق فيها على أصل واحد أهل السنة والجماعة من فريقي أصحاب الرأي وأصحاب الحديث، وخالفهم فيها أهل الأهواء الضالة من القدرية وغيرهم من فرق الضلال، وبهذا صح عنده تأويل ذلك الحديث إلى هذا النوع من الاختلاف، دون الأنواع التي اختلفت فيها أئمة الفقه من فروع الأحكام في أبواب الحلال والحرام، وليس فيما بينهم تفكير ولا تضليل فيما اختلفوا فيه من أحكام الفروع.
ولكن ما يراه أبو منصور البغدادي من صحة هذا الحديث غير مسلم له، فقد قال ابن حزم في كتابه ـ الفصل ـ: ذكروا حديثاً عن رسول الله صلى الله عليه