/ صفحه 65/
التسعة عشر أقواها النص والإجماع، ثم هما إما أن يوافقا رعاية المصلحة أو يخالفاها، فإن وافقاها فبها ونعمت ولا تنازع، إذ قد اتفقت الأدلة الثلاثة على الحكم، وهي: النص، والدجماع، ورعاية المصلحة، المستفادة من قوله عليه الصلاة والسلام "لا ضر ولا ضرار" وإن خالفها وجب تقديم رعاية المصلحة عليهما بطريق التخصيص والبيان لهما، لا بطريق الافتئات عليهما والتعيطلل لهما، كما تقدم السنة على القرآن بطريق البيان، وتقرير ذلك أن النص والإجماع إما أن لا يقتضيا ضرراً ولا مفسدة بالكلية، أو يقتضيا ذلك، فإن لم يقتضا شيئا من ذلك فهما موقوفان لرعاية المصلحة، وإن اقتضيا ضررا، ف،ما أن يكون مجموع مدلو لهما ضررا ولابد أن يكون من قبيل ما استتني من قوله (عليه السلام) "لا ضر ولا ضرار" جمعاً بين الأدلة، ولعلك تقول إن رعاية المصلحة المستفادة من قوله (عليه السلام): "لا ضرر ولا ضرار" لا تقوي على معارضة الإجماع لتقضي عليه بطريق التخصيص والبيان لأن الإجماع دليل قاططع، وليس كذلك رعاي ة المصلحة، لأن الحديث الذي دل عليها واستفيدت منه ليس قاطعا فهو أولي، فنقول لك إن رعاية المصلحة أقوى من الإجماع، ويلزم من ذلك أنها من أدلة الشرع لأن الأقوي من الأقوي، ذقوي ويظهر ذلك من الكلام في المصلحة والإجماع.
أما اممصلحة فالنظر: في لفظها، وَحدِّها، وبيان اهتعمام الشرع بها، وأنها مبرهنة، أما لفظها فهو مفعَلة من الصلاح، وهو كون الشيء على هيئة كاملة بحسب ما يراد ذلك الشيء له كالقلم يكون على هيئة المصلحة للكتابة، والسيف على هيئة المصلحة للضرب.
وأما حدّها بحسب العرف فهي السبب المؤدي إلى الصلاح والنفع كالتجارة المؤدية إلى الربح، وبحسب الشرع هي السبب المؤدي إلى مقصود الشارع عبادة أو عادة، ثم هي تنقسم إلى ما يقصده الشارع لحق كالعبادات، وإلى ما لا يقصده الشارع لحقه كالعادات.
وأما بيان اهتمام الشرع بها فمن جهة الإجمال والتفصيل، أما الإجمال فقوله