/ صفحه 61/
على الأرض بكري أو تغلبي اجار رجلا أو بعيرا إلا بإذنه، ولا يحمي حمي إلا بأمره، وكان إذا حمي حمي لا يقرب، وقصة الناقة (سراب)، بينه وبين ابن عمه جساس مشهورة في تاريخ الأدب العربي، وخلاصتها أن كليبا كان يخرج ويدور بجناحيها فقال: أمنَ روعُك، أنت وبيضك في ذمتي، ثم قال:
خلا لك الجو فبيضي واصفري يا لك من حمرة في معمري

ثم خرج بعد ذلك يطوف فإذا هو ب، ثر بعير لا يعرفه قدر وطي، البيض فشدخه فرمي كليب فصيل ناقة البسوس لقاء شدخ بيض الحمرة، فقتله وكان ذلك سبب حرب البسوس بين أبناء الأعمام، وفي ذلك يقول جساس: (1)
فاعملوا أدني عيالي إنما جاري لعمري
كيميني من شمالي وإري للجار حقاً
فاعلموا مثل جمالي وأري ناقة جاري
دفع ضيم بالعوالي إن للجار علينا
دون عرض الجار مالي فأقلي اللوم مهلا
و يدي رهن مقالي سأؤدي حق جاري
لؤمه عند رجالي أو أري الموت فيبقي

وقد اشتهر في الجاهلية كثيرمن رجالات العرب وساداتهم بحماية الحيوان، حتى كان ثور بن شحمة، وهو أحد أشرافهم يسمي: "بمجير الطير" فكان الطير لا يثار ولا يصاد بأرضه لجواره له،(2) ولما جاء الإسلام أقر الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم هذه العادة العربية الحسنة، وهي من الأخلاق الحميدة الرفيعة، وحث (عليه السلام) على التمسك بأهدابها، ومن أبلغ ما يؤثر من الزجر عن إيذاء
ـــــــــــ
(1) الأغاني ج, 4, ص 150 ـ 140 وج 5، ص 180 ـ 160.
(2) عن كتاب ثمار القلوب في المضاف والمنسوب.