/ صفحه 381/
الحكم في الإسلام شيئاً من هذا، وهل كانت الدولة في الإسلام سفينة يقف على دفتها إله يختار شخصاً معينا ينفذ أوامره الإلهية وهو غير مسئول ـ كا جاء في عبارة لويس وغليوم ـ إلا أمامه؟ الجواب على ذلك، لا ... لا؛ ولكن قضية النفى يحاتج الجزم فيها إلى شيء من التوضيح المتعلق بمركز الرسول عليه الصلاة والسلام كنبى وكإمام، ومركز الخلفاء من بعده، وموقع التشريع الإسلامى من سلطة الخليفة، ومن صلات الشعب بالحاكم، والحاكم بالشعب، ومدى سلطان ذلك الحاكم على الشعب، وإلى أى حد يمكن أن ينفذ الإمام سلطانه على المحكومين، وكيف يكون مسئولا، وأمام مَن يكون مسئولا.
والإجابة على هذا الأسئلة توضح تماماً نظرية الحكم الإسلامى على أساس متين بعد ما لغط فيها الناس جاهلين أو متجاهلين، وبعد ما أكثر الناس من التشدق بنظريات حديثة لا نقرهم عليها، بل نلومهم على عدم التثبت في قضايا الشريعة الإسلامية جملتها وتفصيلها، وإن كانوا لم يتمرسوا بدقاثقها، فليكفونا ويكفوا أنفسهم المئونة بالسكوت، أو فليحا ولوا ـ ولو مرة ـ سؤال أهل الذكر.
أظن أنه أصبح من المعاد الكلام عن تاريخ دعوة الرسول عليه الصلاة والسلام في مكة، ثم جهادة بالمدينة، حتّى استقرا أمرها، وبالرسول (عليه السلام) يرسى قواعد الدولة الجديدة، ويبرز مظاهرها الداخلية والخارجية من مكاتبة الملوك والأمراء، وعقد المعاهدات، كما أنه أصبح من الواضح الحديث عن مسألة الدولة، ومكيفات كيانها من وطن وقوة وسيادة.
والإسلام يعتبرـ ولو من الوجهة النظرية ـ وطنة العالم أجمع، فالأصل أن تكون كلمة الله هى العليا، وهى التي تسود ـ كقانون ـ شتى بقاع الأرض، وهى التي توحد الناس وتجمع شتاتهم، وهى المؤهل الوحيد للدخول في الجنسية الإسلامية بمعناها الدقيق، فالإسلام كدين وكنظام عام لا يعرف الحدود الجغرافية الضيقة ويوجب تناصر المسلمين في مختلف أرجاء العالم، ويجعلهم ـ أية سلكوا ـ مخاطبين بتكاليفه،