/ صفحه 345/
إلا لله أمر ألا تعبدوا إلا إياه" "والذين يدعون من دونه لا يستجيبون لهم بشيء إلا كباسط كفيه إلى الماء ليبلغ فاه وما هو ببالغه" "قل ادعوا الذين زعمتم من دونه فلا يملكون كشف الضرعنكم ولا تحويلا". وغير ذلك من الآيات المحكمات.
وإذا قال الله "من يهد الله فهو المهتد، ومن يضلل فلن تجد له ولياً مرشدا" ونحوها من الآيات التي يفهِم ظاهرها أن أمر الهداية والضلال ليس مبنياً على اختيار العبد، وإنما هو منح وفيض من الله يعطى منهما ما شاء لمن شاء؛ وجدنا الفرق شهرات أسلحتها، واشتبكت في حرب مظلمة من الجدل العقيم، الذي إن تصورنا له غاية فليست سوى إخفاء الحق، وتشويه معالمه، ومحاولة كل أن يظهر على خصمة، ويعرضون عن بداهة القضيه التي يبنى عليها التكليف من الحكيم العادل، والآياتِ التي لا تعد ولا تحصى في تقرير أن الجزاء بالعمل والكسب وأن الله "لا يظلم الناس شيئاًُ ولكن الناس أنفسهم يظلمون".
وحسبنا في التطبيق على هذا المبدأ ـ الذي استطردنا بذكره، وبادرنا بلفت نظر القرائ إليه ـ ما ذكرنا من هاتين المسألتين التين تتصلان بخلاف كثيرا ما شغل الناس، وأوقع بينهم العداوة والبغضاء دون مبرر، ومن السهل أن يتتبع القاريء مواضع المحكم والمتشابه، ويعرف ماكان ينبغى أن يسلك فيها بحمل المتشابه على المحكم، والإيمان بهما على أنهما جميعا حق جاءنا بهما الوحى ونزل بهما الكتاب "آمنا به، كلُّ من عند ربنا".
ونرجو أن تتاح لنا ـ إن شاء الله ـ فرصة إشباع هذا الموضوع بحثا وتطبيقا في الأصول والفروع، وبيان أن الوقوف على الحقيقة فيه، هو أساس التصفية بين المسلمين، وردهم إلى الحق الواضح، الذي يلتقون عنده على كلمة سواء كما التقى عنده أسلافهم من قبل.
نعود بعد هذا الاستطراد ونقول: إن ثانى الأمرين الذين برزت بهما عناية هذه السورة، وهو