/ صفحه 33/
يعلم الرجل عن المرأة تلك أو تعلم المرأة عن الرجل تلك الجريمة، وقد يقال وكذلك جريمة الزنا من الذاهبات بالأبوة والبنوة، ففي الآيتين بالحمل عليها تناسب مع ما قبلهما . إلا أن هذا مردود باحتمال إنتاج قد يكون بعده استلحاق، فهناك احتمال وان أحاط به الضعف غير أنه لم يكن بتا قاطعا للوارثين بوصف بنوة وأخوة وأمومة وأبوة، كما في الجريمتين: السحاق واللواط.
وأما ثالثا: فإن القرآن بهذا يكون قد استوفي جميع الجرائم الفتاكة بالمجتمع وعيدا وتنفيرا عنها وتحذيرا منها، فانه إذا كان القرآن قد تحدث عن فاحشة الزنا في غير موضع فانه لا يترك هاتين الجريمتين دون توعد عليهما وتسوىء لعاقبتهما مع أنهما أسفل دركا وأنزل بالإنسانية عن مستوى الإنسانية.
وقد حدثنا القرآن عما أنزله من العقوبة ببعض الأمم التي اقترفت إحدى هاتين الجريمتين، وأنها كانت عقوبة مؤذنة بسقوطهم عن مستوى الإنسانية إلى وهدة الحيوانية‌ المجردة عنها، إذ كانت حذفا بالأحجار حيث لا يستطيعون لها رادا، ولا يحاولون منها هربا، مما يؤذن بشناعتها وأنها أفظع من الزنا شأنا، فان الزنا حالة لها من المباح المشروع ما يشبهها، أما هاتان الجريمتان فإنهما خروج عن الفطرة، وحيدان عن الطبيعة فهما أولى أن يطهر المجتمع منهما، وأن يتوعد القرآن عليهما وعلى العموم فإن حمل الآيتين على هذا المعنى، يكونان به أقوى أسلوبا وأرصن نظما، وأوفق بعظمة القرآن وأنه الكتاب الذي لم يفرط فيه من شيء وأنه تنزيل الرحمن الرحيم، وأنه الكتاب الذي فصلت آياته قرآنا عربيا لقوم يعلمون.
نسأل الله هدايته لأقوم طريق وأوضح سبيل إنه سميع عليم؟