/ صفحه 316/
لها، هى إنشاء المدارس، وحشد العلماء لها، كى تكون مصدرا للإقناع والتعليم والدفاع، وهذا ما فعله نظام الملك، فقد أقام المدارس النظامية، وافتتح نظامية بغداد بنفسه، وأشرف على هذه المدارس وأولاها رعايته، وتوسع في إنشائها، وووقف عليها الأموال التي تضمن استمرارها من بعده.
ومع أنها كانت في أول أمرها غير مرْضية من العامة وبعض العلماء، فقد درس بها كثير من الأئمة وأفاضل الأمة، كأبى بكر الشاسي، وحجة الإسلام الغزالي، وأبى نصر بن الصباغ، وأبى اسحق الشيرازي، وغيرهم.
"و في سنة 479 هـ، دخل السلطان ملكشاه ووزيره نظام الملك بغداد، ونزلا بدار المملكة، وزارا مشهد الدمام موسى الكاظم بن جعفر الصادق المتوفى ببغداد سنة 183 هـ، وقبره هناك في الجانب الغربى مشهور يزار، وعليه مشهد عظيم، وزارا كذلك قبور جماعة من الأئمة والصالحين، كمعروف الكرخى المتوفى سنة 200هـ. والامام احمد بن حنبل وأبى حنيفة وغيرها من القبور المعروفة، فقال ابن زكرويه الواسطى يهنيء نظام الملك بقصيدة منها:
أرضت مضاجع من بها مدفون زرتَ الممالك زَوْرةً مشهورة
و كأنها بك روضة ومعين فكاأنك الغيث استهل بترها
و لك الإله على النجاح ضمين فازت قداحك بالثواب وأنجحت
وخلع الخليفة على نظام الملك، ودخل إلى المدرسة النظامية، وجلس في خزانة الكتب، وطالع بعض ما فيها، وسمع الناس عليه في المدرسة جزء حديث، وأملى جزء آخر".(1)
ولاشك أن هذا الصنيع من السلطان ووزيره نظام الملك، فيه كثيره من اللباقة والكياسة والتوجيه.
وقد كانت المدارس النظامية منبثة في العراق وإيران وأفغانستان، وكان التعليم فيها يجرى
ـــــــــــ
(1) وفيات الأعيان هامش، ص 399، من الجزء الرابع طبعة دار المأمون بالقاهرة سنة 1355 هـ.