/ صفحه 280/
من هذه التفرقة بين اللفظية والعملية يتبين أن التقليم والتطعيم في الأصول العملية أكثر منهما في الأصول اللفظية حيث يتسع مجال العقل لتلك دون هذه.
الشبة المصداقية:
فمن النظريات الحديثة في الأصول اللفظية: النظرية المعرفة بالشبهة المصدقية ومحصلها أن صيغ العموم تدور كثيرا على ألسنة العرب، وقد امتلأ بها الكتاب والسنة، وجاءت فيهما مورداً لأوامر الشارع ونواهيه، وقد تبقى هذه الصيغ على ما هى عليه من غير تخصيص، وحينئذ يسرى حكمها إلى جميع أفراد العالم، وكثيرا ما تخصص بقيد متصل أو منفصل، حتى قيل ما من عام إلا وقد خصص بل حتى هذا القول خصص بمثل إن الله على كل شيء قدير، وهو مالك كل شيء، وبعد تضييق دائرة العام لا يكون حجة إلا فيما تبقى من أفراده.
فقوله تعالى: "أوفوا بالعقود" دليل عام كاشف عن وجوب الوفاء بكل عقد ربويا كان أم غير ربوي، وإذا ضممنا الآية إلى أدلة حرمة الربا ينتج أن وجوب الوفاء مختص بالمعاملات غير الربوية. وهذه قضية كلية بديهية، ليست محلا للخلاف والاجتهاد.
ولكنْ هناك أفراد مشتبهة ومرددة بين دليل العام، وهو أوفوا بالعقود، ودليل الخاص الدال على حرمة الربا، ذى لم يعلم من أى النوعين هي، فلوأن تاجراً يبيع و0طل من سلعته بعشرة دراهم نقداً، وباثنى عشر نسئية، وجهلنا هل بيع النسيئة هذا من نوع الرباكى يحرم، أو من غيره كى يجب الوفاء به؟ مع الفرض بأنه لا دليل يبين حكم هذا البيع، فهل نستخرج حكمه من آية أوفوا بالعقود، أو أن الآية مجملة بالنسبة إليه، وأن حكمه يستخرج من الأصول العملية لفقدان النص، وكذا حديث "على اليد ما أخذت حتى تؤدي" فإن مساقة تغريم كل ذى يدغاصباً كان أم وكيلا أم مؤتمناً أم وصيآ أم ولياً أم حارساً أم مستعيراً أم عاملا بأجرة كالصائغ، ولاقصار، والخياط، والبيطار، والمكاري، والملاح، والراعى والنجار، والباني، أم أخذه بيده يفحصه للشراء والسوم، فمقتضى حديث اليد تعزيم هؤلاء جميعاً لو تلف