/ صفحه 256/
تلك هى ديمقراطية الإسلام. وهذا هو عمقها وأثرها في النفوس، كأداة تطهير لها. بالرياء والختل والخدع، ولا بالمظهر والصور ة. ولكن بالواقع والحقيقة وبحسن النية والإخلاص.
وإن الديمقراطية اليونانية بما فيها من حكم الفرد الصالح كالد يمقراطيات الحديثة، التي تفرعت عنها ديمقراطيات محلية لم تهض بحال للمستوى العالمي، الذي يليق بالديمقراطيات الإنسانية.
وأما الإسلام فالنظرة الإنسانية فيه كاملة.
فقد سوى كما بينا آنفا بين أفراد الإنسانية جمعاء، لا فرق بين زنجى وغير زنجي. لا فرق بين عربى وغير عربي. لا فرق بين هاشمى وغير هاشمي. لا فرق بين أقارب الرسول وأقارب من عداه، أو من عاداه؛ إلا بالتقوى وبالعمل الصالح. ذلك هو العدل الإنسانى المطلق. فسمه بما شئت غير الديمقراطية فإنها كلمة كما نعرفها اليوم ضيقة لا تصفه ولا تحده.
وهو العدل الشامل الذي وقف بعض من لا يفهمونه حاجزاً دون انتشاره. ولكنه سينتشر يوماً ما، حين يرقى الإنسان، وتزول عنه عصبية الجاهلية.
وسيأتى يوم يوفق فيه الإنسان كإنسان. ويتسع أفقه. ويكبر عقله. وترتفع إنسانيته. فيخلى عن قانون الغاب والظلم والاستبداد، ويتمسك بقانون الإسلام، قانون العقل والرحمة والعرفان.
وإلى أن يأتى ذلك اليوم، يوم الإنسانية السعيد، فستظل الأرض مهلكة ومذبحة ومكان التطاحن والتنازع والحروب، حتى تشتد الأزمة، وتعصف العاصفة، وتضيق الأمور، وتحلك الظلمات، فتوقظه الشدة، وتنبهه القارعة، فيؤمن بسبل السلام والإسلام، ويحترم أخاه الإنسان.
وفقنا الله جميعاً للسداد؟