/ صفحه 230/
ولذلك كان العلم في خير، وكان أفق الحقائق واضحاً متكشفاً لا يحول دونه حائل من سحائب الجهل، أو غياهب التعصب، وكان التقارب بين القلوب سنة العلماء ومن تبعهم، كلّ يحترم رأى صاحبه وإن خالفه، وكلّ يعذر صاحبه وإن رآه من المخطئين.
وقد زخرت المكتبة الإسلامية بآلاف من الكتب، وانطوات على أثمن آثار الفكر البشري، وحفل سجل الخالدين بأسماء المئين من العلماء المجتهدين، حتى أصبحنا أمام تراث غنى جامع، لا يكاد يخرج عنه مفكرمهما نبغ، ولا يكاد پضيق عن حادث يحدثً للناس.
وإن الذين يشتغلون بالقانون، ويتصلون بالفقه الإسلامي، ويدرسون آراء أعلامه؛ ليعلمون هذه الحقيقة، ويشهدون صادقين بأنه ما من رأى لمتأخر يُظنَ مبتكراً، أو يُرى ملائمآ لأحوال الناس في العصور الحديثة، إلا وله في الفقه الإسلامى أصل، ومن أقوال الفقهاء سند، يشهد بذلك أهل الإسلام وغير هم لأنه الحق المبين الذي لا مرية فيه!
أما بعد فهذا حديث التاريخ عن الأولين، فليت شعرى ماذا هو قائل عن الآخرين؟ أما والله إن الحساب لعسير، وإن الحكم لخطير، وقد قال الله تعالى وهو أصدق القائلين:
"كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف، وتنهون عن المنكر، وتؤمنون بالله، ولو آمن أهل الكتاب لكان خيراً لهم، منهم المؤمنون وأكثرهم الفاسقون".
فرحماك اللهم رحماك؟
رئيس التحرير محمد محمد المدنى