/ صفحه 223/
أن يكون للناس في العالم النووى الجديد من الخلق ما يفوق ما كان له في العالم الالكتروني، وعلى العلماء والأدباء أن يدلوا الناس خاصتهم وعامتهم على خطورة المرحلة التي يجتازها العالم اليوم.
وهكذا: عالم "الكتروني" عشنا فيه مضى وانقضي، وعالم نووى نعيش الآن فيه أقبل انبري.
أما المدنية الألكترونية فقد لمسناها وعرفناها، فليت شعرى كم تحتاج المدنية النووية منا إلى التأمل والتفكير؟
ألا إن بيدنا أن نسلك طريق السعادة والبقاء، أو طريقا أخرى يكتنفها الشقاء والعناء، وقد تقضى بالبشرية كلها إلى الفناء.
وإليك رأياً غير رأيى الذي أدليت به في هذا الموضوع، فقد كان معى اليوم (28 من مارس سنة 1950) العالم الكبير "ماكس بورن" الألمانى الأصل، والأستاذ بجامعة "أدنبره" بانجلترا، الذي شرفنى بتنناول الغداء في منزل ريفى الأهلى قريب من القاهرة، سأله أحد الحاضرين: ما ذا تنتظر من تقدم في الذرة؟ فقال: أرجو أآلايعرف الإنسان لصفة سهلة الطريق الاستخدام القوى الدفينة في نواة الذرة قبل أن تعلو أخلاق البشر لأنى أخشى أن يستخدمها في الشر.
لقد ذهب "ما كس بورن" إلى اكثر مما ذهبب إليه، فإنى لم أتمن لحظةً عدم تقدم هذه العلوم، وهاهو ذا تزيد خشيته عن خشيتي؛ وإذا علمت أن "ماكس بورن" هو أحد أقطاب علماء الذرة النظريين في العالم، بل هو أستاذ لخمسة من أكبر أقطاب الذرة اليوم، هم "هايزنبرج" صاحب نظرية عدم التعيين و"پاولي" صاحب المبدأ المعروف باسمه، و"فرمي" العالم الإيطإلى الكبير الذي كان له دور هام في القنبلة الذرية، و"ديراك" الشهير، و"شرور دنجير" العطيم لأدركت لكم لكلمات هذا العالم الكبير من المعنى الخطير.
فليتمن القاريء معى أن تسير البشرية إذن نحو عصر من السلام والبقاء، لا نحو عصر من الحروب والفناء؟