/ صفحه 184/
أعرض له في تفاصيله، فان ذلك يحمل الاعتراف بالمبدأ، وهو خاطئ ؛ولكنى أقصده في صميمهه، بما لعله يخزيه، ويخذله، ويشفى صدور قوم مؤمنين.
اللغة العربية لغة مقدسة، حصّن الإسلام ثغورها بحماية مسلحة، تستعصى على الحديد والنار، لأنها وعاء القرآن، معجزة الإسلام، ولقد جاءت خولة بنى العباس، فجعلت من الإسلام العربي، اسلاما علليا، والتهمت جميع العلوم والفلسفات التي كانت للأمم القديمة، من الفرس والهنود والا غريق؛ ثم عزفت عن الأداب الغربية عزوفا، فلم تقلب لها صفحة، ولا أعارتها أى اهتمام، وأرتجت أبواب الوضع، والتعريب، والاستشهاد، بانتهاء الدولة الأموية، وبين سمع بنى العباس وبصرهم؛ فأقروا هذا الارتاج، واعترفوا به، ولم يحاولوا أن يمسوه من قريب أو من بعيد.
وجاء فقهاء الفروع فاشترطوافى المجتهد أن يتبحر في اللغة العربية تبحرا يقربه من السليقة، واختلفوا اختلافا مُرّا في جواز ترجمة القرآن، وكانت الصولة في جانب المانعين، ولكَم أشفقتْتُ ـ في عهد قريب ـ على شخص، آثير عندنا، كريم علينا وعلى التاريخ معنا، من تورطه في هذا الموقف تورطا، لم يخامرنى ريب ـ عهدئذ ـ في أنه غير ناجح في الخلاص منه بغير التساهل والإهمال.
ومتى كانت اللغة مقدسة، فان آدابها: رواية ودراية ونقدا وعرضا وفقها الخ: من كل ما تتوقف عليه حياتها، مما لا يتم الواجب المطلق إلا به؛ فلا نحراف بها عن سننه إلى نهج غريب عنها، محاولة في قيام المشروط بدون شرطه، وهى محاولة فاشلة بلا جدال.
إن الحاكم في النقد الأدبى عند العرب هو الذوق الأدبى العربي، لا الذوق الشخصى الخاص كما يفهم بعض أدعياء النقد في هذا العهد؛ والذوق الأدبى العربى إنما يربيه التملؤ من الأثار الإبية، حفظا وبحثاً وتعمقا وطول ممارسة حتىإذا اكتهل هذا الذوق واكتمل، تصدر للحكم على هذه الآداب، أوْ لها وللفُتْيَا فيما يعرض لطلابها من مشكلات؛ ولبيان أسرار البلاغة فيها، وسمات الجمال في في