/ صفحه 178/
من الإراقة ووجود الآكل مطلوبا بالذات ولا غاية للطلب تعينت الحالة لوسطى، وهى إن تكون الذبيحة قابلة للأكل، ولهذه القابلية فردان: ووجود الآكل، وعدمه، وكل واحد منهما يصدق عليه المطلوب على السواء، ويتحقق بفعله الأمتثال من غير فرق بين الحالين مادامت الذبيحة جامعة الأوصاف التي يسوغ معها الأكل.
وهذا التوجيه متين بحسب الصناعة، لكن يرجع في الحقيقة إلى العمل بإطلاق لفظ الهدى في الفرد الثاني، أى آصورة المفروضة، والتمسك باطلاق اللفظ يرتكز على أمور ثلاثة:
1¬ـ أن يصدق اللفظ على الفرد الذي نريد أن نثبت له حكم الكلي، بحيث يكون هذا الكلى قابلا للانقسام إليه وإلى غيره، كالانسان الذي ينقسم إلى رجل وامرأة، والماء إلى ماء مطر وماء نابع، ومتى حصل الشكل في صدق اللفظ وتسمية الفرد به، فلا مجال للتمسك بالاطلاق، فلو قال الشارع: أكرم عالما، ولم نعلم أن زيدا عالم كى يجب إكرامه، أو جاهل كى لا يجب لا يسوغ لنا التمسك بإطلاق لفظ عالم لأجل إكرام زيد، لأن خطاب أكرم عالما يستحيل أن يكون طريقا يستكشف منه علمية زيد، لأن تشخيص الأفراد الخارجية، وتطبيق الكلى على جزئياته ليس من شأن مشرع الأحكام. ولا من وظيفة واضع الألفاظ، ونتمسك بالاطلاق لو تأكدنا من علمية زيد، وكان بينه وبين من أوجب الا كرام جفاء وتباعد، وشككنا لذلك بأنه يريد إكرام كل علام حتىعدهو زيد أولا يريده لمكان العداوة، فذا كان الأمر على هذا، نتمسك بالاطلاق موجبين الإكرامم لزيد كغيره من العلماء.