/ صفحه 102/
فيها قطعاً، بل ظناً واجتهادا، وذلك يوجب المصير إليها، إذا الظن في الفرعيات كالقطع في غيرها. وما يلزم على هذا من خطأ الأمة فيما قبله، لازم على رأي كل ذي قول، أو طريقة انفرد بها، غير مسبوق إليها، والسواد الأعظم الواجب إتباعه هو الحجة والدليل الواضح، وإلا لزم أن يتبع العلماء العامة إذا خالفوهم لأن العامة أكثر، وهو السواد الأعظم.
واعلم أن هذه الطرية هي التي قررناها مستفيدين لها من الحديث المذكو، ليست هي القول بالمصالح المرسلة على ما ذهب إليه مالك، بل هي أبلغ من ذلك، وهي التعويل على النصوص والإجماع في العبادات، وامقدرات، وعلى اعتبار المصالح في المعاملات، وباقي الاحكام.
وتقرير ذلك أن الكلام في أحكام الشرع، إما أن يقع في العبادات والمقدرات ونحوها، أو في المعاملات والعادات وشبها، فإن وقع في الأول، اعتبر فيه النص والإجماع ونحو هما من الأدلة.
غير أن الدليل على الحكم إما أن يتحد، أو يتعدد، فإن اتحد مثل إن كان فيه اية، أو حديث، أو قياس، أو غير دلك، ثبت به. وإن تعدد لدليل مثل إن كان آية، أو حديث، أو قياس، أو غير دلك، ثبت به. وإن تعدد لدليل مثل إن كان آية وحديثا واستصحابا ونحوه، فإن اتفقت الأدلة على إثبات أو نفي ثبت بها. وإن تعارضت فيه، فإما تعارضا يقبل الجمع أولا يقبله، فإن قبل الجمع جمع بينهما، لأن الأصل في أدلة الشرع الإعمال لا الا لغاء، غير أن الجمع بينهما يجب أن يكون بطريق قريب واضح، لا يلزم منه التلاعب ببعض الأدلة، وإن لم يقبل الجمع فلا جماع مقدم على ما عده من الأدلة التسعة عشر، والنص مقدم على ما سوي الا جماع، ثم إن النص منحصر في الكتاب والسنتة، ثم لا يخلو إما أن ينفرد بالحكم أحدهما أو يجتمعا فيه، فان انفرد به أحدهما فإما الكتاب أو السنة، فإن النفرد به الكتاب، فإما أن يتحد الدليل أو يتعدد، فإن اتحد بأن كان في الحكم آية واحدة عمل بها، إن كانت نصاً أو ظاهرا فيه، وإن كانت مجملة، فإن كان أحد احتماليها أو احتمالاتها أشبه بالأدب مع الشرع، عمل به وكان ذلك كالبيان.