/ صفحه 439/
حقيقة ثاتبة في نفسها وهي الظلم وأن هذا لا يقع من الله تعالى، لأنه من النقص الذي يتنزه عنه، وهو ذو الكمال المطلق والفضل العظيم " (1).
أما بعد: فإنا ما أطلنا الكلام في هذا الموضوع، ولا أثبتنا فيه ما أثبتنا من النصوص والنقول، لنؤيد رأيا على رأي، أو لننصر فريقا على فريق، وإنما فعلنا ذلك لنبين للناس أن هذه المسائل وأشباهها ليست من أصول الدين التي يحكم فيها بالكفر في جانب، والايمان في جانب، وإنما هي معارف نظرية، ومسائل كلامية، ومن الخير للمسلمين ـ ولا سيما في هذا العصر الذي اشتغل الناس فيه بما ينفعهم من العلم والعمل في كل أمة ـ أن يتخففوا منها، بل يتخلوا عنها، ويوسعوا مداركهم وعقولهم عن الارتطام في خلافات بسببها، وليعلموا أن الله ليس بسائلهم يوم يعرضون عليه عن الجزء الذي لا يتجزأ، ولا عن الخلا والملا والجوهر والعرض، وهل يبقى العرض زمانين أو لا يبقى، وهل القدرة مع الفعل أو قبله، وهل الصفات زائدة على الذات أو ليست زائدة، وهل الاسم عين المسمى أو غيره، فإن كان سائلا عن ذلك أحدا من خلقه، ومستخبرا إياه خبره، فليسعنا ما يسع أبا بكر وعمر وعثمان وعليا وابن عباس وابن عوف وابن مسعود وغيرهم من أصحاب رسول الله (صلى الله عليه وسلم)، وخير لنا أن نحشر معهم بذلك جاهلين، من أن نحشر مع النظام أو الجاحظ أو القفال أو الرازي أو الاشعري أو النسفي أو غيرهم ولو كانوا أئمة في العلم والتقى، وسبحان من لا تدركه العقول، ولا تحيط به الأوهام والظنون.
" م... "
*(هوامش)*
(1) الجزء الخامس من تفسير المنار ص 105.