/ صفحه 324/
ومما جاء من ذلك قول ابن القيم في الرد على الجهمية:
" هؤلاء الجهمية ومن وافقهم على التعطيل جحدوا ما وصف الله به نفسه، ووصفه به رسوله، من صفات كماله، ونعوت جلاله، وبنوا هذا التعطيل على أصل باطل أصّلوه من عند أنفسهم، فقالوا: هذه الصفات هي صفات الأجسام. فليزم من اثباتها أن يكون الله جسماً، هذا منشأ ضلال عقولهم، لم يفهموا من صفات الله الا ما فهموه من خصائص صفات المخلوقين، فشبهوا الله في ابتداء آرائهم الفاسدة بخلقه، ثم عطلوه من صفات كماله، وشبهوه بالناقصات والجمادات والمعدومات، فشبهوا أولا وعطلوا ثانياً، وشبهوه ثالثا بكل ناقص ومعدوم، فتركوا ما دل عليه الكتاب والسنة من إثبات ما وصف الله به نفسه، ووصفه به رسوله على ما يليق بجلاله وعظمته، وهذا هو الذي عليه سلف الأمة وأئمتها، فإنهم أثبتوالله ما أثبته لنفسه وأثبته له رسوله (صلى الله عليه وسلم) إثباتاً بلا تمثيل وتنزيهاً بلا تعطيل، فان الكلام في الصفات فرع عن الكلام في الذات يُحتذى حذوه، فكما أن هؤلاء المعطلة يثبتون لله ذاتاً لا تشبه الذوات، فأهل السنة يقولون ذلك، ويثبتون ما وصف الله به نفسه ووصفه به رسوله من صفات كماله ونعوت جلاله، لا تشبه صفاته صفات خلقه، فإنهم آمنوا بكتاب الله وسنة رسوله (صلى الله عليه وسلم) ولم يتناقضوا، وأولئك المعطلة كفروا بما في الكتاب والسنة من ذلك وتناقضوا، فبطُل قول المعطلين بالعقل والنقل ولله الحمد والمنة، وإجماع أهل السنة من الصحابة والتابعين وتابعيهم وأئمة المسلمين ".
وقد نقلنا هذا النص عن ابن القيم من كتاب (فتح المجيد ص 393) الذي ألفه العالم الجليل الشيخ عبد الرحمن بن حسن آل الشيخ شرحا لكتاب " التوحيد " للإمام محمد بن عبد الله، وفي ذلك الكتاب يقول فضيلة الشيخ الشارح:
" ذكر الأئمة رحمهم الله تعالى فيما صنفوه في الرد على نفاة الصفات من الجهمية والمعتزلة والاشاعرة ونحوهم أقوال الصحابة والتابعين. فمن ذلك ما رواه الحافظ الذهبي في كتاب العلو وغيره بالاسانيد الصحيحة عن أم سلمة زوج النبي صلى الله