/ صفحه 323/
التي رواها مسلم بلفظ " إذا قاتل أحدكم أخاه فليجتنب الوجه فان الله خلق آدم على صورته " والمراد بالصورة الصفة، بالوجه الذات أو الوجود، وباليد القدرة، وأشار لتنويع الخلاف بقوله (أو فوض) علم المعنى المراد من ذلك النص تفصيلا إليه تعالى وأوله إجمالا كما هو طريق السلف (و رُمْ) أي اقصد، واعتقد مع تفويض علم ذلك المعنى (تنزيها) له تعالى عما لا يليق، فالسلف ينزهونه سبحانه عما يوهمه ذلك الظاهر من المعنى المحال، ويفوضون علم حقيقته على التفصيل إليه تعالى، مع اعتقاد أن هذه النصوص من عنده سبحانه، فظهر مما قررنا اتفاق السلف والخلف على تنزيهه تعالى عن المعنى المحال الذي دل عليه ذلك الظاهر وعلى تأويله وإخراجه عن ظاهره المحال وعلى الإيمان بأنه من عند الله، جاء به رسوله (صلى الله عليه وسلم)، لكنهم اختلفوا في تعيين محمل له معنى صحيح وعدم تعيينه بناء على أن الوقف على قوله تعالى (والراسخون في العلم) أو على قوله (ما يعلم تأويله الا الله).
ومن ذلك ما كتبه سلطان العلماء عزالدين بن عبد السلام في عقيدته المشهورة (1) التي كتبها للسلطان الاشرف، وقد جاء فيها قوله في وصف الله عزوجل: " ليس بجسم مصور، ولا جوهر محدود مقدر، ولا يشبه شيئا، ولا يشبهه شئ، ولا تحيط به الجهات، ولا تكتنفه ا لارضون ولا السموات، كان قبل أن كوّن المكان، ودبر الزمان، وهو الآن على ما عليه كان … استوى على العرش المجيد على الوجه الذي قاله وبالمعنى الذي اراده، استواءً منزها عن المماسة والاستقرار، والتمكن والحلول والانتقال، تعالى الله الكبير المتعال، عما يقول أهل الغي والضلال، بل لا يحمله العرش، بل العرش وحملته محمولون بلطف قدرته، مقهورون في قبضته ".
وهذا الذي قاله عزالدين رحمه الله عن استواء الله تعالى على عرشه هو ما يقول به ابن تيمية وابن القيم، وعلماء نجد في عصرنا الحاضر، وقد زخرت به كتبهم.
*(هوامش)*
(1) طبقات الشافعية الكبرى. ص 86 ج 5 المطبوع بالمطبعة الحسينية المصرية سنة 1324 هـ.