/ صفحه 321 /
إلى ذلك أن الفرقة الإمامية الاثنا عشرية قائلون بأن الله ليس بجسم ولا جسماني، ويبلغنا أن جما غفيراً من سائر طوائف المسلمين قائلون بالتجسيم، ويثبتون لله لوازم الجسم، والفرقة الإمامية الاثنا عشرية قائلون بأن صفاته الكمالية عين ذاته وجوداً، وغير ذاته مفهوماً، ونسمع أن طائفة أخرى قائلون بتعدد القدماء التسعة الذات وصفاته الكمالية الثمانية، وثامنها صفة البقاء، والفرقة الإمامية الاثنا عشرية قائلون بعدالة الواجب تعالى، ويبلغنا أن طائفة أخرى من المسلمين قائلون بصدور الظلم منه تعالى شأنه، فيا إخواني: هل يمكن مع هذا التقريب ؟ وكيف يمكن ؟ وجوابنا على ذلك أننا نشكر فضيلة الشيخ الموقر على ما قدم الينا من ثناء وأمل ودعاء، ثم نقول لفضيلته:
إن هذه المسائل الثلاث التي تمثَّل بها محتاجة إلى بيان وتجلية، وعند وضوحها وتبين الأمر فيها على حقيقته، يظهر أن الخلاف فيها ليس خلافاً أصلياً يضر بالعقيدة الإسلامية أو يفسدها. بيان ذلك:
1 ـ أن المسألة الأولى وهي كون الله تعالى ليس جسماً ولا جسمانياً أمر متفق عليه بين جميع الطوائف الإسلامية الحاضرة، ولا يختلف فيه مذهب عن مذهب، لا فرق في ذلك بين الإمامية وغيرهم، وكتبهم مثبتة له:
فمن ذلك ما جاء في الجوهرة وشرحها، وهي الكتاب الذي يدرس بالأزهر الشريف، قال صاحب الجوهرة:
وأنه لما ينال العدم ****** مخالف، برهان هذا القدم
وقال شارحه الشيخ عبد السلام: " أي مخالفة ذاته وصفاته لكل ما يقوم به العدم يجوز عليه من الحوادث، سواء في ذلك الحوادث السابقة كالأعدام الأزلية واللاحقة كالنعم الأخروية، والمخالفة لما ذكر عبارة عن سلب الجرمية والعرضية، أو الكلية والجزئية، ولوازمهما عنه تعالى، وإنما وجب له ما ذكر لأن الحوادث إما أجسام، وإما جواهر، وإما أعراض، والأعراض إما أزمنة،