/ صفحه 177 /
كلها متفقة مع الشريعة، بل إني لأعرف بعض المسيحيين يسرهم ذلك لما عرفوه في الشريعة الإسلامية من عدل وإنصاف، وملائمة لطبيعة الناس، ومسايرة لكل خير وإصلاح.
ألا إن ما كتبه هذا الكاتب الجرئ لدليل على حاجة الأمة الإسلامية إلى من يحذرها من فتنة الغرب وضلاله، ويبصرها بما في دينها وشريعتها من مزايا، ويأخذ بأيدي شبابها الذين غرتهم بهارج المدنية، وزلزلت إيمانهم بأنفسهم وقومهم وتاريخهم وثقافتهم وأفكارهم، ليعلموا أنهم قوة يخشاها أعداؤهم فيحاولون إضعافها، وأن دينهم هو الدين، وعلمهم هو العلم، وأنهم ما ضعفوا ولا استكانوا إلا حين تقبلوا في أنفسهم وفي ثقافتهم ودينهم حكم الغرب، وتركوا دعواته الكاذبة الخاطئة تتغلغل في أعماق نفوسهم، وتوحي إليهم أن يتبعوهم ويغرقوا في لججهم، ويتنازلوا لهم عن شخصيتهم من حيث يعلمون أو لا يعلمون.
إن الأمة الإسلامية لفي حاجة إلى من يبصرها بذلك، وإن حقاً على كل ذي علم وإيمان وغيرة على دينه ووطنه أن يساهم في حمل جانب من هذا العبء، لننهض جميعاً بأنفسنا، ونخرج من هذه المحن المتلاحقة التي شككتنا في أنفسنا وشككت فينا أبناءنا ونحن خير أمة أخرجت للناس.
أما التشريع المراد إصداره، فإني ـ مع إعظامي وإجلالي للروح الكريم الذي دفع إليه وأوحى به ـ أحسب أن ضرره أكبر من نفعه، ذلك أن الزكاة بمقاديرها المقدرة في نصابها، وقيمة المخرج منها، والأموال التي تكون فيها وكل ما يتصل بها في الشريعة، شأن يجب أن يبقى له خطره وجلاله، وألا يشوه بجعله ضريبة كسائر الضرائب، فإن المالك هو أعرف الناس بنصابه، وما له وما عليه، وهو أعرفهم بمن يستحق بذله ومعروفه من جيرانه وعشيرته وذوي رحمه، وهو أحوج الناس إلى استحضار معنى العبادة فيما يؤديه من زكاة ماله، واستشعار روح الطاعة