/ صفحه 137 /
على التعارف حض في نفس الوقت على نزع الغل والحقد والعدوان. ونهي عن الاثم، ومن آيات التعارف عند المسلمين أن يأتي المسلمون لحج بيت الله من كل فج عميق، ومن شعوب مختلفة وبلاد متباعدة يجمعهم صعيد واحد، ويرعون ربهم في يوم واحد ووقت واحد، وهو يوم عرفات، ويتساوون فيه جميعاً بارتداء رداء واحد، حتى لا يكون تمييز بين أمير وحقير وغني وفقير، بل الكل أمام الله سواء، أكرمهم عند الله أتقاهم.
في العدل:
أمروا أن يحكموا الناس بالعدل (وإذا حكمتم بين الناس أن تحكموا بالعدل) ومضمون ذلك أنهم أمام القانون سواء، ولا يحق عليهم عقاب إلا بعد النهي والتحذير (وما كنا معذبين حتى نبعث رسولاً) وما أمرهم به الله أ خذوه، وما نهاهم عنه انتهوا.
وقد أمرهم باحترام دين غيرهم (لكم دينكم ولي دين) فاحترموا الديانات الأخرى، وصانوا اهلها ومعابدها، وتركوا لهم حرية اقامة شعائرهم وممارسة طقوسهم كما يشاءون.
تركوا لرؤسائهم أن ينظروا في أقضية أهل دينهم، وجرى الحال على هذا المنوال لعهدنا هذا، وفي أحوالهم الشخصية لا يقضي بينهم حاكم مسلم إلا برضائهم، قال تعالى: (فإن جاءوك فاحكم بينهم) وبسطوا على أديرتهم وبيعهم وكنائسهم حمايتهم حتى لا يعتدي عليها معتد أو يبغي باغ، وبلغ من حرص الإسلام أن أشار القرآن الكريم إلى ما يجعل معابد المسيحين ومعابد المسلمين في مرتبة واحدة في حمايتها وأجرى عليهما حكما واحداً حيث قال: (ولو لا دفع الله الناس بعضهم ببعض لهدمت صوامع وبيع وصلوات ومساجد يذكر فيها اسم الله كثيراً).
فالدفاع عنها جميعاً بمثابة واحدة يتولاه القائمون على أمرهم أفراداً أو جماعات كما تقوم به الحكومات، وهذا منتهى احترام العقائد وحرية اقامة شعائرها، والدفاع عن حرماتها وكيانها.