ـ(75)ـ
رسول (صلى الله عليه وآله) أريد حفظه، فنهتني قريش، فقالوا: إنك تكتب كل شيء تسمعه من رسول الله (صلى الله عليه وآله) وهو بشر يتكلم في الغضب والرضا ! فأمسكت عن الكتابة، فذكرت ذلك للرسول (صلى الله عليه وآله) فقال: أكتب؛ فو الذي نفسي بيده ما خرج مني إلاّ حق)(1)، كما نسبت في ذلك روايات إلى الرسول (صلى الله عليه وآله) تنهى عن كتابة الحديث.
ومن الجدير بالذكر: تنبه الاتجاه المانع(وهو الاتجاه الحاكم آنذاك) بعد قرن من الزمان إلى خطل الفكرة، فدعوا إلى كتابة الحديث، بعد أن اصبح واضحا أن القرآن لا يمكن أن يختلط مع غيره الذي لا يكون معجزاً، ولا ينقص الاهتمام بالقرآن نتيجة كتابة الحديث. قال السيد رشيد رضا:(ونحن نجزم بأننا نسينا وأضعنا من حديث نبينا حظا عظيما لعدم كتابة علماء الصحابة كل ما سمعوه)(2).
الاتجاه الثاني: وهناك اتجاه آخر حفظ السنة وكتبها ونشرها وتوارثها وأمر المسلمين بكتابتها.
وهذا الاتجاه قام به الإمام علي عليه السلام ومن بعده من أئمة أهل البيت الذين صرحوا بأن ما يقولونه هو عبارة عن السنة النبوية التي كانت محفوظة عندهم بأمر رسول الله (صلى الله عليه وآله).
واليك نموذجا من الأدلة على ذلك من الروايات التي تواترت في هذا الأمر المهم:
أولا: ما ذكره في كتاب الكافي عن محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد بن عيسى عن الحسين بن سعيد عن القاسم بن محمد عن علي بن أبي حمزة عن أبي بصير قال: "قلت للإمام
______________________
1 ـ المدخل للفقه الإسلامي، لمحمد سلام مذكور) / 184، نقلا عن ابن عبد البر في جامعه وأبي داود في سننه والحاكم وغيرهم.
2 ـ تفسير القرآن، للامام محمد عبده والسيد رشيد رضا 6 / 288.