ـ(63)ـ
لمن دخل مكانا فيراد منه؛ إلزم المكان الذي دخلته ولا تنتقل عنه، ويقال لمن لم يدخل: اسكن هذا المكان، يعني أدخله واسكن فيه. ففي سورة البقرة هذا الأمر إنما ورد بعد أن كان آدم في الجنة فكان المراد منه اللبث والاستقرار. وقد بينا أن الأكل لا يتعلق به فلا جرم ورد بلفظ الواو، وفي سورة الأعراف هذا الأمر إنما ورد قبل أن دخل الجنة فكان المراد منه دخول الجنة وقد بينا أن الأكل يتعلق به فلا جرم أن ورد بلفظ الفاء والله أعلم)(1).
7 ـ والرازي مولع بذكر الآراء المختلفة في الآية، وهو يسعى دائما لسرد الآراء التي ذكرها المفسرون في الآية، ولسنا بحاجة إلى ذكر مثال لهذا فتفسيره طافح بذكر الآراء المختلفة.
والملاحظ في الآراء التي يسردها الرازي ما يلي:
1 ـ قد يعقب على هذه الآراء بأنه لا حاجة إلى بيانه(الاختلاف في الآراء) لأنه لا يتوقف على عدم معرفته قصور في فهم النص القرآني، فبعد أن ذكر اختلاف المفسرين في نوع الشجرة التي نهي آدم عن أكلها قال:(واعلم أنه ليس في الظاهر ما يدل على التعيين فلا حاجة أيضا إلى بيانه، لأنه ليس المقصود من هذا الكلام أن يعرفنا عين تلك الشجرة، وما لا يكون مقصودا في الكلام لا يجب على الحكيم أن يبينه)(2).
2 ـ لا يكتفي الرازي في كثير من الموارد بذكر الآراء بل يعقب عليها بما يراه أو ـ بعبارة أخرى ـ يعطي رأيه في المسألة، فينتخب رأيا ويرد آخر(3).
وقد يسأل سائل فيقول: إن الفخر الرازي لا يختلف عن الطبرسي والبغوي في ذكر آراء
______________________
1 ـ التفسير الكبير 3 : 4، وانظر كذلك 15 : 34.
2 ـ التفسير الكبير 3 : 5 ـ 6.
3 ـ التفسير الكبير 3 : 2. وانظر كذلك 7 : 125.