ـ(190)ـ
الصليبي المعاصر على الفكر الإسلامي والحضارة الإسلاميّة، فراح يدافع عن الإسلام، بل ويحمل على خصومه بلغة علمية موضوعية تجمع بين وضوح البيان وسلاسة الطرح وأصالة المبنى وعالمية النظرة.
هذا المسلم المصري كما يتبين من كتابه لم يكن محدودا في فكره، بل إنه نظر إلى الإسلام نظرة شمولية مستوعبة، كما أنه لم يكن محدودا في تحركه، فقد تجول في الشرق والغرب في مهمات رسمية وجهادية، ولذلك وقف على مشكلة تمزق العالم الإسلامي، ودعا إلى وحدته، وأحس بخطر النعرات القومية.
نقف فقط عند جانب دعوته إلى وحدة المسلمين، ونبذ التنافر القومي والوطني والعنصري، فهي دعوة قائمة على أساس تجربة فكرية وعملية بين المسلمين قبل نصف قرن من الزمان.
في معرض حديثه عن أسباب النزاعات العالمية، يقف الأستاذ عزام عند النزاعات العنصرية والوطنية ويقول:
ولننظر الآن في سبب آخر من أسباب الاضطراب العالمي وهو الإفراط في النزعة الوطنية والعنصرية وما ترتب عليها من الأثرة وحب الانفراد بالعزة والسلطان وإنكار حقوق الآخرين، ثم النزاع والتسلح والحرب.
كان الناس يتنافسون قبائل ويتحاسدون ملوكا ويختلفون على الله أو في سبيل الله، ولم تكن نعرة الوطن ولا نعرة العنصر فاصلا حاسما بين المجموعات البشرية كما أرادتها المدنية الحديثة، وتاريخ العرب والترك والبربر وغيرهم من الأقوام الإسلاميّة حافل بالنزاع القبلي، بعيد عن النزاع العنصري. وكذلك كان الشأن في أوروبا، وكانت الأسرة الملكية تضم تحت