ـ(62)ـ
التخلف الذي كان حاكماً على المنطقة.
وكان عدد المتضررين بالحروب من معاقين ويتامى وأسرى وعبيد يتزايد باستمرار، كما اتصف ذلك المجتمع بالطبقية وانتشر فيه الربا ( أضعافا مضاعفة) وشاعت كراهية البنات وإهانة المرأة بشكل عام من خلال الفحشاء وتبادل الزوجات واتخاذ الأخدان والفاحشات ( ذوات الأعلام)، وانتشر الزواج المتنوع الذي انتج أبناء غير شرعيين مشكوك في انتمائهم إلى عدة آباء، كما انتشر بين صفوف الطبقة المترفة القمار والشراب والفساد بأنواعه، وأصبحت هذه الخصال هي التي تشكل الإطار العام لحياة فترة الجاهلية التي ذاع صيتها بهذه الصورة بين الشعوب المجاورة، وعبر عنها القرآن الكريم بالجاهلية الأولى، وهذا شأن كل الجاهليات التي لم تحظ بنعمة التوحيد كالجاهلية الرومية والفارسية والمصرية وغيرها.
المستوى المعرفي والثقافي للعرب
خلافاً للشعوب المجاورة والنصارى واليهود داخل الجزيرة، فان الجهل والأمية كانا يعشعشان في صفوف الغالبية من العرب، وكانوا غرباء عن الكتاب والكتبة والمدرسة والمعلم والخط، إلاّ في برهة صغيرة حيث ظهر عدد من الناس لا يتجاوزون عدد أصابع اليد يقرؤون ويكتبون ( بشكل ناقص) في مكة ويثرب، وقد أوجدت الحياة الصحراوية والحاجة التي تتولد عنها ومن خلال الاتصال ببعض الأقوام والشعوب الأخرى علوماً ناقصة في الجزيرة مشوبة بالخرافة، أمثال: التنجيم والكهانة والسحر والأساطير والطب وعلم الأنساب والأنواء، حيث انتشرت طوال قرون متمادية بين صفوف العرب الذين لم